العراق للدراسات الستراتيجية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

العراق للدراسات الستراتيجية

موقع عراقي - اخبار- للدراسات الستراتيجية- والاستشارت
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفلسفة السياسية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
abu




ذكر
عدد الرسائل : 33
العمر : 64
Localisation : --------------
Emploi : ---------------
Loisirs : --------------
تاريخ التسجيل : 29/11/2007

الفلسفة السياسية Empty
مُساهمةموضوع: الفلسفة السياسية   الفلسفة السياسية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 08, 2008 1:35 am

قام بتأليف هذا الكتاب المنهجي المهم كل من الفيلسوفين الفرنسيين لوك فيري وآلان رينو. والأول أصبح مشهورا جداً في فرنسا بعد أن حل محل سارتر وفوكو وديلون على الساحة الثقافية الفرنسية. ومعلوم أنه أصبح وزيراً للتربية الوطنية في عهد جاك شيراك.


وهذه هي أول مرة تسلّم فيها وزارة التعليم إلى فيلسوف. يضاف إلى ذلك أن كتبه العديدة ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة عالمية وحظيت بنجاح كبير داخل فرنسا وخارجها. وأما الثاني، أي آلان رينو، فهو أيضا فيلسوف معروف ولكن ليس بحجم لوك فيري زميله في النضال ضد اليسار المتطرف والمراهق فكريا بحسب وجهة نظرهما. وهو أستاذ الفلسفة السياسية في جامعة السوربون كما أنه مدير المرصد الأوروبي للسياسات الجامعية. وهذا يعني أنه من الأهمية بحيث أن الاتحاد الأوروبي اتخذه كمستشار له بل وكمسؤول على التخطيط لسياساته الخاصة بالتدريس الجامعي.
هذا وقد اشتهر كل من المؤلفين عام 1984 عندما نشر كتابا صاعقا ضد فلاسفة اليسار المتطرف الذين كانوا يسيطرون على الساحة آنذاك: أي ضد فوكو، وديلوز، وجان فرانسوا ليوتار وجاك دريدا وبيير بورديو وجاك لا كان. واعتبر البعض أن هذا الهجوم الناجح كان لمصلحة اليمين الفرنسي المستنير على طريقة رئيس الوزراء السابق والراحل ريمون بار. ويبدو أن كلا الفيلسوفين كانا مقربين منه بشكل أو بآخر.
ولكن يبدو أن فرنسا آنذاك كانت قد ملت من التجريب اليساري والعبث الطفولي لحركة مايو 1968. وأصبحت تنشد الهدوء والراحة والعودة إلى القيم التقليدية الراسخة المتمثلة باحترام السلطة، والعائلة، والزواج، والابتعاد عن الإباحية الجنسية والشذوذ والتطرف في الشهوات والملذات. ضمن هذا الجو تنبغي موضعة مؤلفات لوك فيري وآلان رينو السياسية والفلسفية.
وفي هذا الكتاب الجديد الموجه إلى طلبة الجامعات والدراسات العليا يقدم المؤلفان بانوراما تاريخية شاملة عن الفلسفة السياسية منذ أقدم العصور وحتى اليوم. ولكنهما يركزان اهتمامهما على الفترة المعاصرة بالدرجة الأولى. ونقصد بها فترة التنوير وما تلاها حتى اليوم.
ينقسم الكتاب منهجيا إلى ثلاثة أجزاء وعدة فصول. فالجزء الأول يحمل عنوان: الصراع الجديد بين القدامى والمحدثين. وفيه يتحدثان عن نقد فوكو ودريدا وليوتار وديلوز للتنوير. ولكن قبل ذلك يتحدثان عن نقد أستاذهما الأكبر، مارتن هيدغر. فهذا الفيلسوف الألماني الشهير هو الذي وجه الضربات الموجعة للتنوير والحداثة التكنولوجية وإن يكن نيتشه قد سبقه إلى ذلك.
ويتوقف المؤلفان في الجزء الأول مطولا عند نقد هيدغر للحداثة. وهنا يشتكي الفيلسوف الكبير من هيمنة التكنولوجيا على الطبيعة بل وقضائها على البراءة الأصلية للحياة الطبيعية والإنسانية. والواقع أن نقده كان في محله إلى حد كبير. والدليل على ذلك ظهور أحزاب الخضر أو البيئة مؤخرا. وهي تدافع عن الطبيعة والغابات والمزروعات والأرياف التي أخذت تنقرض بعد دخول أوروبا في عصر الصناعة.
وبالتالي فهيدغر يقول لنا: نعم للعلم والتكنولوجيا ولكن بشرط ألا يسحق إنسانية الإنسانية وألا يقضيا على براءة الطبيعة وألا يستأصلا الغابات والاخضرار والأشجار من على سطح الأرض. ومعلوم مدى ارتباط هيدغر بالغابات الرائعة في ألمانيا وبخاصة الغابة السوداء التي بنى فيها كوخا لكي ينعزل عن البشر ويكتب ويفكر. وكثيرا ما كان يقوم بنزهات طويلة في أحضان الطبيعة على عادة أستاذه الكبير نيتشه.
فالطبيعة هي الأم الرؤوم أو الحنون بالنسبة لنا جميعا. وإذا ما قضينا عليها فإننا نكون قد شوّهنا وجودنا وقضينا على أنفسنا. ثم يردف المؤلفان قائلين: إن أفكار هيدغر هذه كانت قد ظهرت في الثلاثينات أو الأربعينات من القرن الماضي. لكننا لم نفهم معانيها ومغازيها العميقة إلا مؤخرا بعد أن تلوث الجو وارتفعت درجة حرارة الأرض وكثرت الفيضانات والكوارث الطبيعية هنا أو هناك. وهذا يعني أن الفيلسوف سبق زمنه بأربعين أو خمسين سنة على الأقل. وهذه هي ميزة الفلاسفة الكبار. فهم يرون إلى أبعد من أنفسهم على عكس الناس العاديين أو المفكرين الصغار.
ثم يتحدث مؤلف هذا الكتاب في الجزء الثاني عن فلسفات التاريخ الكبرى التي ظهرت في الغرب طيلة القرنين الماضيين؛ أي فلسفة هيغل، واوغست كونت، وسواهما. ومعلوم أن كل فيلسوف كبير يبلور رؤيا عامة عن التاريخ البشري ومجرى الأحداث ومستقبل الأيام. وأحيانا تصدق هذه الرؤيا وأحيانا يكذبها المستقبل. فنبوءة ماركس مثلا عن حتمية سقوط الرأسمالية لم تصدق ولم تتحقق. ولكن نبوءاته الأخرى كانت في محلها وقل الأمر ذاته عن نيتشه الذي تنبأ باندلاع الحروب العالمية حتى قبل حصولها بأربعين أو خمسين أو سبعين سنة.
والواقع أن هناك عدة فلسفات للتاريخ. فكل فيلسوف كبير يشكل فلسفته عن حركة التاريخ ومصير الجنس البشري. فجان جاك روسو بلور فلسفته للتاريخ وقال ان الحضارة الحديثة سوف تصل إلى الجدار المسدود يوما ما إذا لم يرافق تقدمها المادي والتكنولوجي تقدم أخلاقي وإنساني. وقد صدقت الأيام نبوءته بعد مئتي سنة من حصولها.
فالجميع يعترف الآن بأن الحضارة الغربية الحديثة تعاني من أزمة أخلاقية لا مثيل لها. وذلك لأنها لم تعد تهتم إلا بالربح المادي وتراكم الأموال والرساميل ونسيت أن الهدف الأساسي للحضارة هو إسعاد الإنسان على هذه الأرض. ونسيت أيضا قيم العدل والحق والإنصاف، وهذا أخطر شيء. وبالتالي فهناك اختلال توازن في الحضارة الحديثة وينبغي تصحيح مسارها لكي تصبح حضارية وإنسانية بالفعل. وهذا الكلام ينطبق على العولمة المتوحشة التي زادت الغني غنى والفقير فقرا.
وهذا ما أدانه جان جاك روسو في عهده. ولكن يبقى صحيحا القول ان الحضارة الحديثة حققت إنجازات لا يستهان بها. وبالتالي فإيجابياتها أكبر من سلبياتها. وهنا ينقسم فلاسفة التاريخ إلى قسمين أساسيين: قسم متفائل وقسم متشائم. وينتمي إلى الأول كانط وهيغل في الماضي، ثم كاسيرر وهابرماس ومؤلفو هذا الكتاب في الحاضر. فهؤلاء يرون أن إيجابيات الحداثة أكثر بكثير وأهم من سلبياتها ونواقصها. ولكن ينتمي إلى الاتجاه الثاني المتشائم بحركة التاريخ ومصير الجنس البشري فلاسفة كبار أيضا ليس أقلهم نيتشه، أو هيدغر أو ميشيل فوكو، الخ.
والصراع بين المتفائلين والمتشائمين لا يزال ساريا على قدم وساق حتى الآن.وفي الجزء الثالث والأخير من هذا الكتاب القيم يتحدث المؤلفان عن نظرية حقوق الإنسان والنظام الجمهوري الحديث في فرنسا وعموم أوروبا. وهنا يدافعان عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ضد هجمات الفلاسفة النيتشويين من أمثال فوكو وديلوز ودريدا وسواهم. فهم يرون أن إسقاط النظام الإقطاعي القديم كان شيئا إيجابيا جدا، لأنه أتاح إقامة نظام ديمقراطي حديث يساوي بين البشر.
لا ريب في أن الديمقراطية الغربية تعاني من نواقص كثيرة. ولا ريب في أن الطبقة الرأسمالية الحديثة حلت محل الطبقة الإقطاعية الأرستقراطية السابقة. ولكن هذا لا يعني أنه لم يحصل أي تطور أو تقدم للجنس البشري عندما انتقلنا من النظام القديم إلى النظام الجديد.وبالتالي فالمؤلفان يختتمان كتابهما الضخم بالثناء على الحداثة وإنجازاتها الإيجابية التي لا تقدر بثمن. ويدعوان إلى تشكيل فلسفة سياسة ديمقراطية جديدة تليق بعصرنا.
*الكتاب:الفلسفة السياسية
*الناشر:المطبوعات الجامعية الفرنسية باريس 2007
*الصفحات:603 صفحات من القطع المتوسط
البيان الامراتيه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفلسفة السياسية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العراق للدراسات الستراتيجية :: دخول المنتديات الدراسات العسكرية والامنية والسياسية :: الدراسات الستراتيجية السياسية-
انتقل الى: