humam
عدد الرسائل : 120 العمر : 45 Localisation : iraq Emploi : baghdad Loisirs : ----------- تاريخ التسجيل : 19/03/2008
| موضوع: الشعب يصبر طويلاً الإثنين فبراير 23, 2009 7:23 am | |
| الشعب يصبر طويلاً) ، كتاب جديد في سلسلة طويلة من الكتب عن الثورة الفرنسية. وتعود مؤلفته صوفي واهنيش الأخصائية في تاريخ تلك الثورة إلى الأحداث والمذابح التي عرفتها فرنسا وخاصة باريس في خريف عام 1792،أي بعد ثلاث سنوات من قيام الثورة الفرنسية الكبرى.الذين قاموا بتلك الموجة من العنف يتم تقديمهم في التحليلات السائدة على أنهم كانوا حشودا من الجماهير «الهائجة» الذين دفعتهم مشاعرهم حيال السلطة آنذاك إلى ارتكاب تلك الأفعال المتطرفة. ما تفعله صوفي واهنيش هو تحليل الأسباب العميقة التي دفعت تلك الجماهير الشعبية «الصابرة حتى آنذاك» إلى اقتراف مثل تلك التجاوزات.ولا يتوقف عمل المؤلفة في هذا الكتاب عند حدود التوصيف التاريخي بل يتعدّى ذلك إلى البحث في الدور الذي لعبته العواطف والانفعالات الشعبية في السياق الثوري وخاصة من حيث الدينامية السياسية التي خلقتها تلك العواطف والانفعالات. |
وبمعنى ما تحاول المؤلفة أن تعطي (حق الكلام) لأولئك الذين جرى اعتبارهم حتى الآن من قبل أغلبية المؤرخين مجرّد «متفرّجين» ولم يشاركوا في صنع الأحداث السياسية التي شهدها عصرهم. المقصود بذلك هم أولئك الذين يمثلون «الشعب» الذي تصفه المؤلفة ب» الصبور» دائما و» المالك لحس العدالة» غالبا و» الصامت» في أكثر الأحيان. وتحاول المؤلفة إعادة رسم الأجواء التي قادت إلى التمرّد الشعبي بعد «نفاذ صبر «الشرائح الشعبية أمام ما كان يجري من مظاهر التسلّط والقمع وعدم إعطاء «ممثلي الشعب» أية أهمية للمطالب التي كانت الجماهير الشعبية قد نقلتها لهم بأشكال مختلفة. |
أمام مظاهر القمع واللامبالاة حيال ما كان يجري في الشارع رفع الشعب من حدّة لهجته. وتقدّم المؤلفة في هذا السياق العديد من البراهين على أن الشعب كان «يحلم بثورة تبتعد عن إراقة أية دماء» . لكن أُريقت الدماء مع ذلك بعد أن تفجّر العنف الذي لم يكن أولئك الذين نزلوا إلى الشارع يريدونه.لكنهم تحمّلوا مع ذلك مسؤوليته وهم «يلبسون ثوب الحداد» . |
إن المؤلفة بعودتها إلى تلك الحقبة من تاريخ الثورة الفرنسية،تحاول القيام بمحاولة «إعادة النظر» في سلّم المسؤوليات عن العنف الذي برز في خريف عام 1792 ، وتصل في تحليلاتها إلى القول أن من جنح إلى العنف ليس الشعب ولكنه وجد نفسه أمام جدار من اللامبالاة دفعه،بعد نفاذ صبره، إلى استخدام سلاح العنف باعتباره اللغة الوحيدة الحاسمة والمسموعة. |
ويمكن تحديد النتائج النهائية التي تصل إليها المؤلفة بالقول أن الشعب الفرنسي كان «صبورا» وتحمّل الكثير قبل أن يعلن غضبه ويلجأ إلى التمرّد العنيف. والتأكيد بنفس الوقت أن ما جرى لم يكن نتيجة ل» عدم فهم» الطبقات الشعبية لسياسات ممثليهم في آلية الدولة والسلطة،كما قيل غالبا. ولكن كان بالأحرى نتيجة لحالة «الصمم» الذي أُصيب فيه أولئك الممثلون» . |
هكذا وعبر قلب سلّم المسؤوليات،تقوم صوفي واهنيش أيضا بقلب «مدلول» العنف نفسه. ذلك من خلال التوقف عن النظر إليه على أنه (نمط التعبير الطبيعي لشعب لم يتأقلم بعد جيدا مع القوانين الحكيمة للديمقراطية). على العكس يتم تقديمه هنا على أنه كان «جوابا منطقيا في مواجهة مشاعر اللامبالاة والازدراء» من قبل أولئك الين كان يُفترض أن يكونوا «ممثلي» الشعب وحملة مطالبه وليس العكس. |
وما يمكن تأكيده هو أن هذا الكتاب رغم أنه عمل تاريخي بالتعريف، فأنه في الواقع أكثر من ذلك وأكثر حداثة مما يوحي فيه موضوعه. ذلك أن مؤلفته تركز في تحليلاتها على إظهار الدينامية التي يمكن للشعوب أن تخلقها في لحظات تاريخية ملائمة. كما يتم تبيين واقع أن الديمقراطية تبقى دائما أمام امتحان مستمر وصعب يدفعها بالضرورة إلى التأمّل بما تعاني منه من نواقص. |
بكل الحالات تمثل الرسالة الأساسية لهذا الكتاب دعوة إلى ضرورة فهم ما يريد صوت الشعوب التعبير عنه في ساحات الفعل العام والاستفادة من الدروس التاريخية التي عرف عام 1792 في فرنسا واحدا منها. ففي تلك السنة كانت «ولادة الجمهورية» ،كما يقول العنوان الفرعي للكتاب. |
تجدر الإشارة أن الأطروحات التي تقدمها مؤلفة هذا الكتاب تتعارض مع أطروحات مؤرخين كبار مختصّين بالثورة الفرنسية وعلى رأسهم فرانسوا فوريه، «مؤرخ الثورة الفرنسية» الأكثر شهرة في العصر الحديث،والذين حمّلوا جماهير الشعب من «الرعاع» مسؤولية الجنوح إلى ممارسات عنيفة مجانية دون أن يكون لذلك أية مبررات حقيقية. |
تعمل صوفي واهنيش مؤرخة في المركز القومي الفرنسي للبحث العلمي. وهي أخصائية بتاريخ الثورة الفرنسية الكبرى. سبق لها وقدّمت العديد من الكتب من بينهاالحريّة أو الموت) و (المواطن المستحيل،الأجنبي في خطاب الثورة الفرنسية). |
الكتاب : الشعب يصبر طويلا |
La longue patience du peuple
|
عن/البيان | |
|