الانتحاريون الأجانب يشعرون بـ (الخديعة) والسلوك المتوحش لأمراء القاعدة مع (السنة) لم يترك لهم ملجأ ولا ملاذاً
كاتب إحدى الوثيقتين ينتقد (زملاءه) أمراء القاعدة في العراق ويتهمهم بالجهل وبنقص الخبرة العسكرية وبالابتعاد عن الناس
18/02/2008
( الجزء الثاني) ينتقد أحد أمراء القاعدة زملاءه الآخرين ويتهمهم بالجهل وبنقص الخبرة العسكرية وبأنهم أساءوا للناس فنقموا عليهم وباتوا غير قادرين على إيجاد ملجأ أو ملاذ لهم، فحتى الصحراء كما يقول أصبحت خطراً عليهم. ولأسباب تكشفها الوثائق يشعر الانتحاريون القادمون من دول شتى عربية أو أجنبية أنهم تعرضوا لـ "الخديعة" فما "سمعوه" غير ما "رأوه" في العراق.
وتركّز تحليلات الأجهزة الاستخبارية الأميركية في قراءتها لنصوص الوثائق التي عثرت عليها في أحد "أوكار القاعدة" السرية بسامراء على أن الإرهابيين الأجانب يصبحون خائبي الأمل وساخطين جداً بعد وصولهم الى محافظة الأنبار (لا يجب أن ننسى أن زمن تدوين الوثائق كما تذهب تحليلات الأميركان هو الصيف الماضي، ويمكن مراجعة التفاصيل الكاملة في الجزء الأول من هذا التقرير في مكان آخر من الموقع ).
(3)
كيف يعامل الأمراء انتحاريي القاعدة؟
يُجبر الانتحاريون أو المقاتلون القادمون من الخارج على ترك جميع ممتلكاتهم عند الحدود، ولهذا فهم يبدأون "جولتهم مع القاعدة" بالسخط. وتظهر الوثائق أن هؤلاء يلاحظون عدم الترابط بين ما رأوه من صور وأفلام خلال عملية تجنيدهم وبين ما يجري داخل العراق. إنهم يشعرون بـ "الخديعة"!.
إنهم يشعرون أن "أمراء القاعدة" في داخل العراق يسيئون استخدام "أو طريقة الاستفادة" من المقاتلين الانتحاريين، وهذا ما يفقد الكثيرين منهم "تأججهم وحماستهم" وغالباً ما تتركز طلباتهم وبإلحاح على تكليفهم القيام بواجبات أخرى غير العمليات الانتحارية الكبيرة التي جاءوا من أجل تنفيذها ضد الأميركان وضد "الرافضة" كما تذكر الوثائق، أو تركهم يرجعون الى بلدانهم التي وفدوا منها.
وبسبب هذه الصعوبات –يقول الأدميرال غريغوري سميث مدير الاتصالات ونائب المتحدث الرسمي باسم فيلق القوات متعددة الجنسيات في العراق- يتصرّف أمراء قيادات القاعدة مع هؤلاء الأجانب المجندين لعمليات إرهابية –طبقاً لمحتوى الاعترافات في الوثائق- بالطريقة التالية:
-إخبارهم أن القاعدة ليست بحاجة إلا الى الذين ينفذون المهمات الانتحارية.
-غالباً ما يرفض أمراء القاعدة طلبات المجندين للعمليات الانتحارية بتحويلهم الى "مهمات قتالية فقط".
-بعض الأمراء يوافقون على ذلك. وبعضهم الآخر يقررون إعادة المجندين الى بلدانهم.
وبرأي محللي الأخبار في الملف برس، فإنّ "الطريقة الفوقية الاستبدادية" التي يتعامل بها أمراء القاعدة مع المجندين الانتحاريين على الرغم من "فرادة سلوكهم فيما يقدمون عليه كبشر"، يشير الى أنّ هناك حشد من المنتظرين البدائل في الخارج، وأيضا أن القاعدة ليست بحاجة الى مقاتلين في الداخل، فهي تركز –وبالذات في صيف السنة الماضية- على العمليات الانتحارية.
(4)
أمراء بلا مزايا ولا خبرات
وفي الوثيقة-الكتيّب كما أشير إليها ينتقد مؤلفها (لم تكن مذيلة بتوقيع) زملاءه من الأمراء بسبب فشلهم في التعاون، ولأنهم "متكلون جداً على المهمات الانتحارية".
ويشير جزء من الوثيقة الى تفصيلات بشأن المشاكل الدائرة بين زملائه من أمراء القاعدة في الأنبار؛ حيث كتب المؤلف أن الأمراء يفتقرون الى المزايا القيادية والخبرة العسكرية. وأنهم إضافة الى ذلك يعانون من نقص كبير في دعم السكان المحليين لهم. وهم أيضا غير قادرين على كسب ود السكان للحصول على هذا الدعم.
ومؤلف الوثيقة يشكو من أنهم يـُجبرون على مواجهة "أكثر من عدو" في كل معركة، وأن مثل هذه المواجهات حالة خطرة جداً على تنظيمات القاعدة في العراق. ويسمّي كاتب الوثيقة من هم وراء هذه المواجهات بـ "القبائل المرتدة " وهو يعني طبعا القبائل التي أجمعت رأيها يومئذ على تشكيل مجالس الصحوة التي تعاونت مع القوات الأميركية ضد القاعدة.
ويقول كاتب الوثيقة بنص كلماته: "إن المرتدين والأميركان شرعوا بهجماتهم لتدميرنا. نحن نفقد المدن، وفيما بعد ذلك القرى، وقد أصبحت الصحراء ملاذاً خطراً. لقد ابتعدنا عن الناس ووجدنا أنفسنا في صحراء مقفرة".
وهي إشارة واضحة الى أن "القسوة" التي استخدمها كبار رجال القاعدة في "التأمـّر الذميم" القاسي اللاإنساني والمتخلف على سكان الأنبار والمدن السنية الأخرى كان سبباً للتمرّد عليهم على الرغم من أن النتيجة أدّت في النهاية الى التعامل أو التعاون مع الأميركان. وهذه الحالة تشير الى حقيقة غاية في "الغرابة والتوحش"، ذلك أنّ سكان المدن السنية رأوا بطش القوات الأميركية "أرحم من القاعدة"، ورأوا التعامل "مع الاحتلال" أنفع وأجدى من التعامل مع "الحكومة الشيعية-الكردية". كما ترى الأطراف "الشيعية" تماماً أن التعامل مع الاحتلال أجدى وأنفع وأن الخوف كل الخوف "قادم من السنة". وكذا الحال –وبشكل أشد ضراوة- مع رأي الأكراد.
(5)
العراقيون لم يهزموا الطاعون بعد!
وكان الأدميرال (سميث) قد أكد منذ البدء أن ما تميط اللثام عنه هذه الوثائق لا يعني أن القاعدة قررت تغيير طرقها وأنها لن تقدم ثانية على قتل الأبرياء. ولا تعني كل التفاصيل التي وردت في الوثيقتين أن العراقيين قد هزموا ما أسماه (سميث) الطاعون الأجنبي الذي تسلل الى بلدهم.
إن ما تظهره الوثائق –برأي الأدميرال- هو أن العراقيين الذي يواجهون القاعدة، ويرفضون الإرهاب الأجنبي، ويحرّمون على عناصره البقاء في ملاذات آمنة، يصيبون بذلك هدفهم ويحققون ضربات مؤثرة في تنظيمات القاعدة، طبقاً للاعترافات. والمتطوعون من سكان المناطق السنية المشاركين في الحراسات أو في مجالس الصحوة قد حققوا فعلا شيئاً مختلفاً لم يستطع تحقيقه الآخرون.
ويؤكد الأدميرال (سميث) رغبة القوات الأميركية في أن ترى نماذج حقيقية لـ "التعاون" بين مجاميع المتطوعين السنة في الأنبار أو في ديالى أو في بغداد أو في غيرها مع القوات الأمنية العراقية لتحقيق المزيد من التحسن في الوضع الأمني بوقف أي فعالية لتنظيمات القاعدة.
وفي تقرير مقبل يلقي محللو الأخبار في الملف برس المزيد من الضوء على تفاصيل أخرى تكشف خفايا لم تكشف من قبل ليس فقط طبقاً لما ورد في ثنايا الوثائق، إنما أيضا طبقاً لمعلومات تحدث بها الأدميرال (غريغوري سميث) أو حصلت عليها الملف برس.
المصدر : الملف برس - الكاتب: الملف برس
http://www.wattan4all.org/wesima_articles/derasat-20080218-26233.html