قراءة تحليلية لمعلومات خطيرة في (وصية) أمير الحلابسة والمشاهدة وتداعيات التقهقر في (كتيب سري) لأمير في سامراء
16/02/2008
(الجزء الأول)
منذ أيام ومحللو الأخبار في "الملف برس" يقلـِّبون الرأي بشأن قراءة كل منهم لصور طبق الأصل عن وثيقتين للقاعدة إحداهما مكتوبة بخط يد "أمير في تنظيم القاعدة في العراق سمّى نفسه (أبو طارق أمير منطقة الحلابسة والمشاهدة ) وتتكون من حوالي 16 صفحة، كتبت "بهيئة اعترافات أو وصية". والوثيقة الثانية مطبوعة على شكل كتيب يتكون من 39 صفحة لكنه غير مؤرخ وغير مذيل بتوقيع كاتبه.
(1)
عملية "المرسى" ضد قادة القاعدة
ومع أنّ نتفاً من المعلومات نشرت بشأن حقيقة هاتين الوثيقتين "الخطيرتين" كما وصفهما العميد (محمد العسكري) الناطق باسم وزارة الدفاع العراقية، والأدميرال (غريغوري سميث) مدير الاتصالات ونائب المتحدث الرسمي باسم فيلق القوات متعددة الجنسيات في العراق، خلال مؤتمر صحفي، عقود الأسبوع الماضي، إلا أنّ "الملف برس" تنفرد بالحصول على الأصل الكامل للوثيقة الأولى وعلى أصل بعض صفحات الوثيقة الثانية.
وتأسيساً على ذلك تنشر الملف برس "قراءة نصية تحليلية" لمحتوى الوثيقتين عبر سلسلة من التقارير التي يأمل محللو الأخبار في الملف برس أن تكون ذات فائدة جمة في إلقاء الضوء على طبيعة "تداعيات الوضع الأمني العراقي في بحر الأشهر الأخيرة" و"ما يمكن أن يكون عليه الحال في عملية الصراع الأميركي على أرض العراق".
وقبيل الشروع في هذه القراءة، اختار محللو الأخبار في الملف برس التمهيد لها بمعلومات أساسية تمنح القارئ الكريم مدى جيداً للرؤية وتوفر له مناخاً يسهـّل عليه التوثـّق من كثير من المعلومات والحقائق التي اكتشفت من خلال هاتين الوثيقتين أو ما استولت عليه قوات التحالف في 18 تشرين الثاني 2008– كما يقول الأدميرال سميث- خلال عمليات نفذتها ضد "زعماء القاعدة الكبار" في مناطق قريبة من سامراء كجزء من عملية Anchorage"المرسى"، التي تشكل واحدة من أهم عمل الصدام الأميركي مع الإرهاب في العراق.
وخلال المداهمة في سامراء قتل (أبو ميسره) وهو مستشار كبير لـ (أبو أيوب المصري) زعيم القاعدة في العراق أو كما يسمّي نفسه أيضا (أبو حمزة المهاجر ). ووسط حاجيات (أبو ميسره) وأشيائه، عثرت قوات الاميركية على عدد من معدات الخزن الألكترونية، وأقراص صلبة، وشرائط ذاكرة ألكترونية، وأقراص DVD وسيديات مضغوطة، سوية مع الوثائق الأصلية.
ونقلاً عن (سميث) فإن تحليلات الأميركان أو تقييماتهم تقود الى أن هذه الوثيقة كتبت خلال صيف 2007 من قبل (أمير متوسط المستوى) الى أمير عالي المستوى للقاعدة في العراق. وهذه التقييمات ترتكز الى عوامل عديدة، بضمنها المعرفة الشاملة لكاتب الوثيقة أو مؤلفها بعمليات القاعدة في العراق والحوادث التي تجري في الأنبار وكذلك محتوى الوثيقة و"النغمة" أي الملامح الأسلوبية للكلام.
لقد كتب المؤلف كلاماً مقتبساً يقول فيه: "إن دولة الإسلام في العراق تواجه أزمة استثنائية، وخاصة في الأنبار". وفي العموم فإن الوثيقة عبارة عن تقييم متشائم جداً لفرص نشاط طويل الأمد في منطقة الأنبار. ووصف كاتب الوثيقة الصعوبات التي تتعلق بمحاولة إدارة المقاتلين الأجانب. وبيّن أن القاعدة في العراق قد فقدت دعمها الشعبي في هذه المحافظة. وأوصى بضرورة انتقال المقاتلين الأجانب الماكثين في الأنبار الى مناطق أخرى في العراق، أي في الأماكن التي يجد فيها الإرهابيون حرية أكبر في العمل.
وما شدد عليه الأدميرال هو أن الوثيقة لا ترى –ولا قوات التحالف ترى- أن القاعدة قد هزمت في الأنبار أو في جميع محافظات العراق. لأنها تبقى تهديداً خطراً وكبيراً للعراق. وأن أهدافها لم تتغير وعناصرها مستمرون في التهديد، والابتزاز، وقتل الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال من أجل أن يستعيدوا موطئ قدمهم في العراق. لكن هذه الوثيقة تظهر –وبكلمات واحد من كبار أمراء العراق- أن القاعدة قد قيمت نفسها خلال صيف 2007 بأنها تواجه صعوبات خطيرة ونكسات جدية في محافظة الأنبار.
(2)
تحليل أميركي لدلالات الوثيقتين وهناك أشياء مهمة تشير اليها الوثيقة من بينها:
-أن الأمير في القاعدة الذي كتب هذه الوثيقة يثبت مصداقية استفادة قوات التحالف والقوات العراقية من تجارب عملها في السنوات الماضية وتعلمها من الأخطاء.
-يصف المؤلف نمو "الصحوة" في الأنبار. وكتب بصدد ذلك هذا الاقتباس: "الخونة والشراذم" انقلبوا على القاعدة وهاجموها.
- يحذر رؤساءه من أنّ المواطنين السنة في المنطقة يزدادون قلقاً بسبب ما أسماه سوء حظهم والمحن التي يمرون بها وكذلك استمرار العنف.
-ويقول إن سكان الأنبار السنة سيصبحون راغبين أكثر فأكثر بالالتحاق بالقوات الأمنية العراقية، وبالمشاركة في الانتخابات. (وهذا الكلام في صيف العام الماضي 2007 بحسب التقديرات الأميركية لزمن كتابة الرسالة) .
-وكاتبها "الأمير" يتشكى من أنّ الأميركان قد شنوا ما أسماه "حملة إعلامية شرسة ضد القاعدة".
-وتصف الوثيقة كذلك المشاكل المتنامية التي تواجهها القاعدة بشأن مجنديها وعملياتها الإرهابية.
وتقول الوثيقة إن الإرهابيين الأجانب يمرّون بأوقات شديدة الصعوبة في التحرك ضمن محيط الأنبار، بسبب لهجاتهم التي لا يخطئها سكان المنطقة. وبالتالي فإنهم يخافون من انتقامهم، خاصة أنهم يطاردونهم من مكان الى مكان على امتداد محافظة الأنبار وحتى في المناطق القريبة منها.
-أن تحسّن الأمن في محافظة الأنبار يجعلها تدريجياً أكثر صعوبة بالنسبة للإرهابيين الأجانب في حمل السلاح أو الأحزمة الناسفة.
-وتطوير الأمن هذا يشل الكثيرين من عناصر القاعدة والمشاركين في تنفيذ جرائمها، ويجبرهم على القعود في بيوتهم "عاطلين" و "خائفين" عن فعل شيء كما يصفهم الأدميرال (غريغوري سميث) .
ويمكن لمحللي الأخبار في الملف برس أن يقولوا أن كل التحليلات التي مرّ ذكرها تشكل في العموم قراءة خاصة بقوات التحالف والحكومة العراقية لمادة الوثيقتين. وهي قراءة لها تفاصيل أخرى سيتضمنها تقرير لاحق تنشره الملف برس غداً إن شاء الله.
المصدر : الملف برس - الكاتب: الملف برس
http://www.wattan4all.org/wesima_articles/derasat-20080216-26222.html