جيش أمريكا بعد سبع سنوات من الحرب
تقرير واشنطن- عمرو عبد العاطي ينخرط الجيش الأمريكي منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في حرب تدخل عامها السابع، بدأتها إدارة جورج بوش الابن بأفغانستان في أكتوبر 2001؛ للقضاء على حركة طالبان المدعمة والمساندة لتنظيم القاعدة المتهم، وصولاً إلى الحرب الأمريكية في العراق التي دخلت عامها الخامس الشهر الماضي (مارس 2008)، جرح فيها ما يُقدر بـ 25 ألفاً من أفراد الخدمة العسكرية العاملة في العراق من الجنسيين (الرجال والنساء)، بالإضافة إلى وفاة أربعة آلاف جندي حتى نهاية الشهر الماضي. ويُثير الانخراط والتورط الأمريكي في حرب مازالت رحاها دائرة العديد من التساؤلات من قبيل: ما هي الحالة الفعلية للقوات العسكرية الأمريكية؟، ما هي الاستعدادات لمواجهة الصراعات والنزاعات المستقبلية؟، وما هي انعكاسات الحروب في أفغانستان والعراق على مستقبل تلك القوات؟.
وللإجابة على تلك التساؤلات استطلعت مجلة "فورين بوليسي
Foreign Policy التي تصدر عن مؤسسة
كارنيجي للسلام الدولي Carnegie Endowment for International Peace، بالمشاركة مع
مركز أمن أمريكا الجديدة Center for a New American Security (CNAS) ما يُقدر بـ 3.400 من الضباط الحاليين والمتقاعدين على المستويات العليا، والمسئولين عن القوات العسكرية الأمريكية خلال نصف القرن الماضي، وبعض الجنود في الميدان. ويُعد هذا الاستطلاع واحداً من الاستطلاعات الشاملة للمجتمع العسكري الأمريكي خلال الخمسين سنة الماضية.
وضم هذا الاستطلاع 35 في المائة من القوات البرية الأمريكية Army و33 في المائة من القوات الجوية Air Force و23 في المائة من القوات البحرية Navy و8 في المائة من قوات المشاة البحرية (قوات المارينز) Marine Corps، ويتنوعون ما بين جنود في الميدان ونخبة من الجنرالات والقادة الذين عملوا على أعلي مستويات القيادة. فثلثهم من ذوي رتبة عقيد أو قبطان، و37 برتبة ملازم أو قائد. وقضي ما يُقدر بـ 81 في المائة من المستطلعين أكثر من عشرين عاماً في الخدمة العسكرية، و12 في المائة منهم من خريجي الأكاديميات العسكرية الأمريكية، وأكثر من ثلثهم لديه خبرات قتالية، فعشرة في المائة من هؤلاء الجنود المستطلعين خدموا في العراق أو أفغانستان أو في كلا البلدين.
حالة الجيش الأمريكي بعد حرب العراق
وفي سؤال للمستطلعين عن تقييمهم للجيش الأمريكي بعد خمس سنوات من الحرب في العراق، قال 60 في المائة أن القوات العسكرية الأمريكية أضعف مما كانت عليه قبل خمس سنوات. وفي سؤالهم عن السبب في ذلك، أرجع أكثر من نصفهم هذا التراجع إلى حربي العراق وأفغانستان، وخطوة انتشار القوات التي تتطلبها الصراعات والنزاعات في البلدين. وأكثر من نصف المستطلعين من القيادة العسكرية يري أن القوات العسكرية أضعف مما كانت عليه من 10 أو 15 سنة منصرمة، فقد عبر 56 في المائة عن اختلافهم مع المقولة أن الحرب الأمريكية في العراق أجهدت القوات العسكرية الأمريكية.
وفي إطار بحث الاستطلاع عن وضعية الجيش الأمريكي، بقياس المهام القتالية التي يتحملها الجندي في ساحة القتال، والتي تكون مؤشراً حول إمكانية الدخول والانتقال إلى صراعات أخري، أجري القائمين على الاستطلاع مقياس يمتد من 1 إلى 10، يعني رقم (1) أن الجندي لا يبدي أي اهتمام لوضعية الجيش الأمريكي، في حين يُعبر رقم (10) عن اهتمام أكبر بوضعية الجيش. وخلال الاستطلاعات تنوعت نتائج المستطلعين حول وضعية الجيش ما بين 7.9 للخدمة البرية و7.0 للمشاة البحرية، وبصورة معتدلة للقوات الجوية بـ 5.7، وبذلك يصل متوسط الخدمة لقطاعات الجيش الأربعة إلى 6.6. فيقول أكثر من 80 في المائة من الجنود أنه في ظل الإجهاد الحالي لعمليات الانتشار، يصعب القيام بمهام قتالية في مناطق نزاع أخري، ولذا لم يُعرب أي من الجنود عن ثقتهم في استعداد القوات الأمريكية للدخول في صراعات جديدة، فيقولون أن الولايات المتحدة ليست على استعداد تام للنجاح في تنفيذ مهام قتالية جديدة ضد إيران أو كوريا الشمالية.
القرارات السياسية ومدي نجاح العمليات العسكرية تقول الغالبية العظمي من الجنود أن العديد من القرارات السياسية أثناء حرب العراق قوضت من فرص النجاح هناك، كمدة الانتشار والرعاية الصحية للمجندين والمصابين التي نالت من مستوي الجندي الأمريكي، حيث هناك إغفال من جانب وزارة المحاربين القدامى للأوضاع المالية والنفسية للعائدين من الخدمة في العراق والتي تدفعهم إلى اللجوء إلى المنظمات الخاصة.
وفي واقع الأمر لم يُترجم هذا الإدراك السلبي حيال القرارات السياسية بشأن الأمور العسكرية إلى إحباط في القوات العسكرية، حيث قال 64 في المائة من الجنود المستطلع آراؤهم أنه مازالت الروح المعنوية مرتفعة بين أفراد الجيش الأمريكي، ولكنها لا تخلو من القلق حيال المستقبل. فبعد خمس سنوات من الحرب الأمريكية في العراق، تري الغالبية من الجنود أن الصين وإيران هما الفائزتين من تلك الحرب، وليست الولايات المتحدة.
وعن رؤيتهم للقرارات التي اتخذتها القيادة الأمريكية في بداية الحرب على العراق، واستند القائمون بالاستطلاع على مقياس من 1 إلى 10، يعني رقم 10 أن القرار كان ايجابي، ويعني رقم 1 أن القرار كان ذو مردود سلبي. ومن نتائج الاستطلاع يُلاحظ أن قرار حل الجيش العراقي أقل القرارات تأييداً فقد احتلت على المقياس 3.