* هيوم في 1973: الإسرائيليون لن يقدموا بصورة فعالة ما يفيد أمنهم بالاستمرار في الاحتفاظ بمساحات كبيرة من الأراضي العربية
* لندن: «الشرق الأوسط»
* وثيقة رقم: RI/07
* التاريخ: 12 ديسمبر 1973
* من: اليكس دوغلاس هيوم، وزير الخارجية، لندن، سري للغاية.
* إلى: السير كيث جوزيف.
* شكرا على مذكرتك بتاريخ 4 ديسمبر(كانون الاول) حول الحديث الذي دار بينك وبين أبا إيبان خلال وجودك في إسرائيل للمشاركة في تشييع بن غوريون. فقد قرأتها باهتمام كبير.
فمن الثابت أنه وبرغم الإحباط الذي يبديه الإسرائيليون في العلن تجاه سياستنا، فإنهم يبقون على اهتمامهم في الإبقاء قريبين منا. ومن الواضح أنهم يتحاشون أن يصبحوا معزولين من أي أحد، باستثناء الأميركيين. من هنا علينا أن نبذل ما في وسعنا لنبني على هذه الحقيقة. وعلينا أيضا أن نوظف الاتصال الجيد الذي نملكه معهم لجهة تشجيعهم أن يعرفوا على وجه السرعة، وفق ما أظهرته الحرب الأخيرة، بأنهم لن يقدموا بصورة فعالة ما يفيد أمنهم، (وهو كما أشرت أنت حقيقة، بأننا ملتزمون بدعمه)، بالاستمرار في الاحتفاظ بمساحات كبيرة من الأراضي العربية.
توقيع ألكس دوغلاس هيوم
* وثيقة رقم : R3/548/04
* التاريخ : 4/12/ 1973
* من: السير كيث جوزيف
* الى: وزير الخارجية، سري للغاية.
* واشنطن أعربت لأبا غيبان عن إحباط قاس تجاه الموقف
* بريطانيا وضعت خلال حرب أكتوبر عقبات فنية وإجرائية ضد الجسر الجوي الأميركي لإسرائيل وتل أبيب مندهشة من تنصل لندن عن تمويل إسرائيل بذخيرة تمّ التعاقد عليها سلفا برغم أنها قد لا تحتوي على جديد بالنسبة لك، فعليّ أن أكتب لك عن حديث لي في اسرائيل خلال تشييع بن غوريون. فبعد مراسم بروتوكولية في الكنيست لي ولعدد من الممثلين لدول أخرى، دعينا لنطير جوا برفقة أسرة بن غوريون ومجلس الوزراء الى سيدي بوكر لمراسم الدفن الحقيقية، وحملونا الى الطائرة العمودية عبر باص، وفي الباص، اختار أبا ايبان متعمدا، وقد عرفته بمقدار لسنوات عديدة، أن يجلس الى جانبي.
تحدثنا زهاء 10 – 15 دقيقة، وقد أحطت سفيرنا لاحقا بمضمون ما قال، وكذلك أخبرته بأني سأضع ما قال كتابة لك.
كانت نبرته طوال الرحلة حميمة، وبرغم أن مادة الحديث كانت في معظمها حادة، إلا أن اللغة اتسمت بالاحتشام. ولا شيء مهم في تنظيم هذا التقرير، فقد أقدمت فيه على تعليقات قليلة قدر المستطاع، موقفا نفسي على تعابير الشك أو عدم الاتفاق حينما يأتي في مكانه، ولكني في المقابل قدمت المجالات الأخرى له في حديثي لمعرفة آرائه.
1/ الحظر : اسرائيل استنكرت رفضنا مدها بالذخيرة التي دفعت قيمتها سلفا ومعه عدم رغبتنا في إدانة أو حتى تسمية المعتدين، ففقدان 4000 دورة ذخيرة ربما كانت محورية، والى جانب ذلك، فنموذجنا معهم قد بدأ يأخذ شكل ما سماه هو (مستوطنا). والى ذلك فبلجيكا والدنمارك بصورة خاصة قد تحريتا الطريق الذي سلكناه نحن قبل أن تقررا سياستهما تجاه اسرائيل، ومن هنا فالذي حدث هو فقدان اسرائيل لإمدادات مهمة.
وهنا قال أبا ايبان، إنه لا يمكن بحال أن يكون في صالح بريطانيا أن تتملص عن العقود وأن تعرف لدى الآخرين بأنها بلد لا يلتزم بتعاقداته.
وقال أن الألمان أوفوا بتعهداتهم سواء كواجب إلزامي أخلاقي، أو كتقليد تجاري، ثم قارن الحظر البريطاني الذي تفاعل وأضر بإسرائيل بالفرنسي، والذي قال عنه، أي الفرنسي، إنه (يخر)، ولكنه أحدث أضرارا على إسرائيل أقل بكثير مما أحدثه الموقف البريطاني. وأضاف أنه لا يعتقد أن الجمهور البريطاني يستمتع بممارسة الضغوط، وقد قرأ تعليق الديلي تلغراف عن زيارة شيخ يماني، ولاحظ أن الرأي العام البريطاني يقف بصورة غامرة مع إسرائيل. أجبته باختصار إن الرأي البريطاني يمكن أن يتغير بسرعة، فقال إن الحكومة البريطانية معرضة للنقد سياسيا لحد أنها تصرفت بطريقة أسوأ مما فعلته حكومة العمال في حرب عام 1967. ذكرته بأنه وعلى الرغم من رأيه العابر هذا فإن الحزب البريطاني الوحيد الذي يساند إسرائيل هو الحزب في المعارضة، فقال إن سياستنا، وبعيدا عن إكسابها لنا وضعا وساطيا، قد خسرت ذلك.
2/ العلاقات الأميركية والبريطانية:
تحدث بإعجاب عن كيسنجر وعن معجزة بزوغ نجمه وسلطاته. قلت، وبالرغم من كل شيء، ففريق نيكسون ـ كيسنجر بدا أنه قد عمل بصورة فعالة، وأنا شخصيا آمل أن يتمكن نيكسون من الاستمرار. علّق بالقول إنه كان شديد الاهتمام لجهة رؤية تقرير يقول إن فورد قد ألزم نفسه بالابقاء على كيسنجر إذا ما كان له أن يصبح رئيسا.
والى ذلك، تحدث أبا ايبان عن الغضب الذي وجده في أميركا تجاه رفض بريطانيا التعاون في مسألة الجسر الجوي لإسرائيل، وقال إن الأميركيين أصيبوا بإحباط قاس تجاه العقبات الإجرائية والفنية التي وضعتها بريطانيا على الإمدادات الأميركية في وقت احتاجت فيه إسرائيل بصورة ملحة إلى السلاح. علقت له بالقول إن ما قاله لا يتماشى مع الحقيقة في هذا الشأن كما أعرفها، ولكنه زعم بقوة أنه يدلي فقط بما سمعه في أميركا.
3/ محادثات السلام والمستقبل:
قال إن محادثات السلام ستبدأ قبل الانتخابات، وقال إنه من الأهمية بمكان، أن يوطنوا أنفسهم على أن ذلك في نهاية الأمر متاح، وأن الانتخابات لن تشكل مشكلة لأنهم وفي 18 ديسمبر سيبدأون يومين من الأحاديث وبعدها ستحال كل المشاكل إلى لجان.
في مرحلة معينة، أشرت له بحديث هاروغيت، فقال، إنه وبما أن طرفا، أي إسرائيل، قد كره ذلك الحديث واعتبره خطأ، ولا أتذكر هنا الكلمة التي استخدمها بالضبط، فلا يمكن لها، أي اسرائيل، أن تستمر في الإشارة والتركيز عليه.
برقة، أرجعته الى الاقتراح الذي خرج من حديث هاروغيت، عن (الحاجز بين الجانبين) والقوة الدولية، فلم يستبعد ذلك برغم أنه لم يقدم تعليقا، فمضيت لأشير الى مصدر لصحيفة قال باحتمال أن يصحب ذلك ضمانة أميركية، فقال إن ذلك يمكن أن تكون فكرة مثيرة للاهتمام، ولكن اسرائيل بحاجة لأن تعرف كيف أن تلك الضمانة ستعمل، وأنه، وإذا ما كانت تلك الضمانة ستعني كناتج، أن أميركا ستقدم المساعدة لإسرائيل بعد أسبوع أو نحو ذلك من هجوم عليها، فذلك لن يفي بالغرض ولن يكون كافيا، إذ يجب أن تكون المساعدة مع الأثر وحين يعني الأمر، وليس بعد فوات الأوان.
4/ روسيا :
بدا متوهجا حول روسيا، معبرا عن أمله أن يتحدث اليهم (اليكس) بقوة، وبما أنه موجود الآن في موسكو. متسائلا، ماذا على وجه الأرض، يجني الأميركيون والغرب من الردع، وهما لا يحميان حرية التنقل للمواطنين الروس أو الحصانة للتشيكوسلوفاكيين، وروسيا متروكة حرة تصب الزيت على نيران الشرق الأوسط. أشرت الى أنه، وبما أن أميركا قد أعادت علاقاتها الدبلوماسية مع مصر، فربما تعيد روسيا علاقاتها مع اسرائيل. قال، إنه وبمقدار فهمه، فمن الأهمية الوقوف عند كون الدعوة لإسرائيل للمشاركة في محادثات جنيف قد تم توقيعها من روسيا وكذلك من أميركا.
5/ هذا كل ما هناك. ولم تكن محادثة سهلة، فلديّ قليل من المعلومات يمكن أن أعتمد عليه، وأفترض أنه قد قرر أن يوظف وقت الرحلة في الباص لنقل بعض التعليقات عبري لك. وقد أكدت بتركيز بأننا ملتزمون صراحة ببقاء وأمن اسرائيل وأننا قررنا أن لا يهدد فعلنا أي من الطرفين. جاء رد فعله بأن مواقفنا مقروءة مع زمن قصي (أيام قليلة)، ليعود بعدها ليشير الى الغضب الأميركي بزعم النقص في التعاون في مسألة الجسر والامدادات.
6/ خلال رحلتي وعودتي من مراسم الدفن جددت اتصالي بشيمون بيريز والذي أعرفه بصورة ضعيفة وخلاله التقيت بناشطين آخرين.
7/ ربما أرسل نسخة من هذا التقرير للسفير. وفي مرحلة من النقاش مع إبا ايبان قلت له إني أفترض أن بوسعه أن يقول بكل ما يرغب في القول به مباشرة اليك، واني أعلم أن قنوات العمل بين بلدينا جيدة. وافق وقال : لديكم سفير ممتاز هنا ونحن أيضا أرسلنا لكم رجلا ممتازا.
8/ رئيس الوزراء سألني عن حال المناخ وقلت له انني قد قابلت أبا إيبان ، فبدا مهتما بهذا الأمر، ولذلك سأرسل نسخة له من هذا التقرير. وأعيد أنه ربما لا يكون ثمة جديد في هذه المذكرة بالنسبة لك.
توقيع السير كيث جوزيف
إعداد حسن ساتي لندن: «الشرق الأوسط
»http://www.wattan4all.org/wesima_articles/derasat-20070828-24968.html