لا يمكن للمليشيات والمجموعات المسلحة التي حولت العراق إلى ساحة قتال ، العمل من دون وجود أموال .
وهكذا ، يتوجب على الرئيس بوش وهو بصدد اعتماد استراتيجية حرب جديدة أن يجعل تقليص الأموال عن هؤلاء في قمة اولوياته ، وإذا نجح في هذا المسعى فانه سيوفر للحكومة العراقية فرصة في معركتها ضد العنف .
تحصل المليشيات على الأموال من أربعة مصادر رئيسة يتوجب على الحكومتين الأمريكية والعراقية التعاون في مجال التضييق على هذه المصادر الأربعة للأموال .
ومن أهم هذه المصادر في الوقت الحاضر : جداول الرواتب الحكومية الفيدرالية والمحلية في العراق ، وهي تمول مليشيات البشمركة الكردية والعديد من المليشيات الشيعية.
وقد أعطت الحكومة العراقية - التي يهيمن عليها الشيعة وتعتمد عليهم في بقائها في السلطة - السيطرة إلى هذه الطوائف على بعض الوزارات الحكومية وبالتالي على جداول صرف الرواتب فيها .
على سبيل المثال يسيطر مقتدى الصدر على وزارات الزراعة والصحة والنقل ،وقد وضع أعضاء مليشياته في جداول الرواتب لهذه الوزارات وفي مجموعة واسعة من المناصب الوظيفية ؛وبضمنها خدمة حماية المنشآت (fps) التي تضم حوالي (150 ) ألف عضو ، والتي وصفها تقرير مجموعة دراسة العراق في كانون الأول /2006 ؛ على ان لها (قدرات وولاءات مشكوك فيها ) .
كما وفرت وزارة الداخلية العراقية وظائف ورواتب لرجال مليشيات شيعية داخل سلك الشرطة ، بضمنهم أعضاء في فرق الموت التي تهاجم الـُسنة .
وتتسم قضية اتخاذ الحكومة العراقية إجراءات صارمة بحق المليشيات الشيعية بالصعوبة البالغة لان الوزراء يستخدمون أعضاء مليشياتهم الخاصة في خدمة حماية المنشآت وسلك الشرطة والمنتسبين المدنيين في الجهاز الحكومي ، لذا سيتوجب على الحكومة العراقية إرغام الوزراء على شطب أسماء مؤيديهم من جداول الرواتب وهذا الأمر لن يحدث في ظل الترتيبات السياسية الحالية .
المصدر الثاني الذي لا يقل أهمية عن سابقه فهو: التهريب وإعادة بيع الكازولين ووقود الديزل وهما المصدر الرئيس لمئات الملايين من الدولارات التي تمول المقاتلين .
المصدر الثالث هو : عمليات الابتزاز والخطف واللصوصية التي تديم تدفق الأموال إلى المقاتلين بضمنها أموالا تحصل عليها اجهزة الشرطة نفسها .
أما المصدر الأخير فهو تقديم الأموال من دول ومجموعات وافراد خارج العراق ،إذ تتلقى بعض المليشيات الشيعية الدعم الواضح والكبير من إيران ،كما لا يزال بعض السنة يتلقى اموالا من البعثيين والموجودين خارج العرق .
لا يمكن للحكومة العراقية ايقاف تدفق الاموال بين عشية وضحاها ولكنها تستطيع عرقلة وابطاء هذا التدفق ليصبح ضعيفا من خلال ما يأتي :
أولا : يجب تنظيم سجل بالوظائف على النطاق الحكومي كي تتولى وزارة المالية دفع كل الرواتب الحكومية الى الذين تدون اسماؤهم فقط في هذا السجل ،لان من شان هذا الاجراء جعل آلية التوظيف والفصل مركزية لتتمكن الحكومة المركزية وحدها- وليس زعماء المليشيات- منح الوظائف الحكومية والغائها .ويجب المصادقة على المناصب العليا بالاجماع من قبل مجلس مشكل من كل الطوائف السياسية والدينية .
ثانيا : اعطاء مجالس الوزارات صلاحية البحث عن المنتسبين المشتبه بهم واحالتهم الى القضاء نتيجة تورطهم في العنف الطائفي او انشطة التمرد .
ثالثا : تسريع ادخال وزارة المالية للتحويلات المصرفية الالكترونية الخاصة بمدفوعات الحكومة لاجور المنتسبين ومن شان هذا ان يقلل من تحويل اموال جداول الرواتب الى الجيوب الغير صحيحة .
رابعا : وقف تهريب وقود الديزل وذلك بالخفض التدريجي للدعم الذي يبقي الاسعار واطئة جدا ،وينبغي تحويل المتحقق من زيادة اسعار الوقود إلى تمويل البرامج التي تساعد المواطنين الاكثر فقرا والذين سيشعرون بانهم المستفيدون من الاسعارالاعلى .
خامسا : اضافة الى المزيد من اموال الولايات المتحدة المقدمة الى الشرطة العراقية ، يكون من الضروري وجود مستشارين اجانب يعملون بين افراد الشرطة لتوجيههم والاشراف على انشطتهم . يجب أن تتعهد الحكومة العراقية بتسريح الوحدات المخادعة ومقاضاتها . لقد فشل الرصاص والقنابل في وقف مقاتلي التمرد والمليشيات . فحرمان هؤلاء من الاموال هو السبيل الامثل لعرقلة نشاطهم ووقفه.
للكاتب كيث كرين