انتحاريو العراق في كتاب جديد
وفي نفس الوقت يُدمر هذا الإرهاب العشوائي أهداف السياسة الخارجية الأمريكية في العراق التي من أبرزها إرساء قواعد نظام سياسي ديمقراطي آمن في العراق، وتحويل العراق إلى حليف لها في منطقة تنتشر فيها الراديكالية القائمة على أساس ديني، والمرشحة لأن تكون الساحة الرئيسية للخطر النووي.
مستقبل العراق في ضوء تلك الظاهرة وتطرق الكاتب إلى سيناريوهات مستقبل الوضع العراقي في ظل استمرار تلك الظاهرة، ويرى أنه بجانب الخطورة التي تمثلها هذه الهجمات، فثمة مشكلات أخرى قد تكمن فيها بذور هذه الظاهرة لتنمو فيما بعد. ولعل أهمها مشكلة اللاجئين العراقيين سواء في العراق أو دول أخرى، فهذه الفئة من العراقيين هم الأكثر اعتماداً على غيرهم في توفير الحد الأدنى من احتياجات معيشتهم؛ لذا يُعتبرون أكثر الجماعات البشرية عرضة للتحول إلى العنف والانضمام إلى هذه الجماعات المسلحة.
وأبرز دليل على هذه الخطورة هو أن طالبان بدأت على يد مجموعة من اللاجئين في باكستان، لذا لابد من التحرك في اتجاه وضع حل لقضية اللاجئين وتسوية أوضاعهم، وذلك بمساعدة الأمم المتحدة والقوى الدولية الفاعلة لتفادي تحول عناصر من اللاجئين إلى قنابل بشرية.
ومن ناحية أخرى فإن هناك تصاعد على المستوى الدولي لظاهرة المتفجرات البشرية فنجدها في أفغانستان، الجزائر، والصومال ضد القوات الإثيوبية، وفي باكستان وبنجلاديش، خاصة وأن هذا التكتيك القتالي تشوبه هالة من البطولة، لاسيما إذا ما كان ضد القوات الأجنبية المحتلة، إلا أن مستقبل هذه الظاهرة سيؤثر على وجود هذه الجماعات نفسها لأنها في العراق لا تستهدف القوات المحتلة بقدر ما يدفع المدنيين ثمنها، وهو ما سيسيء إلى هذه الهجمات والجماعات التي تتبناها.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن، هو ما هو مستقبل المنضمين إلى هذه الجماعات الراديكالية؟. فإذا ما عادوا إلى بلادهم سيهددونها بخطر انتشار الفكر الراديكالي، يطابق خطر هؤلاء الذين عادوا إلى بلدانهم بعد محاربة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان في الثمانينيات من القرن المنصرم، ليخلقوا في بلدانهم بؤراً للحركات الجهادية التي تهدف إلى التغيير الجذري باستخدام كافة الوسائل ومن ضمنها استخدام العنف.
ويُعد أهم ما يميز الكتاب، هو تنوع مصادر المعلومات التي اعتمد عليها الكاتب والتي ساهمت في إثراء الكتاب والوقوف على كافة جوانب الظاهرة من وجهات نظر مختلفة، مما يُقربها من الشمول والدقة والموضوعية في تحري الظاهرة بأبعادها الإيديولوجية والسياسية والأمنية؛ فقد اعتمد الكاتب على مصادر مثل تقارير الاستخبارات المتاحة، ومعلومات أولية من الجماعات المسلحة في العراق من خلال الاعتماد على الوثائق والتسجيلات المتاحة على شبكة الانترنت، وذلك بإجراء مقابلات مع بعض المسئولين الأمريكيين الذين خدموا في العراق.