أرقام تفصيلية تكشف لأول مرة(خارطة) تركيز العمليات الانتحارية على قوات الحكومة أكثر بكثير من تركيزها على الاحتلال
الإندبندنت:عريف شرطة الناصرية (علي جعفر موسى حمادي النومان) وامرأتان عراقيتان أوائل الانتحاريين في الحرب
15/03/2008
تكشف صحيفة الإندبندنت أرقاماً تفصيلية لخارطة العمليات الانتحارية خلال السنوات الخمس الماضية، وهي تشير بشكل دقيق الى أن الانتحاريين استهدفوا القوات الأمنية الحكومية أكثر من تركيزهم وبنسبة عالية على القوات الأميركية في طول البلاد وعرضها.
وتكشف الصحيفة أيضا أن أول من قام بعملية انتحارية في العراق كان عريفاً في محافظة مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار بجنوب العراق، إضافة الى امرأتين عراقيتين هاجمتا قوات الاحتلال.
ويرى المحلل السياسي ومراسل صحيفة الإندبندنت في الشرق الأوسط (روبرت فيسك) أن أولئك الذين يشرفون على "جيش الانتحاريين المتزايد" في العراق لا تنقصهم "النزعة الابتكارية" على حد تعبيره. فالانتحاريون قد يصلون الى مشهد تنفيذ الجريمة بزي ميكانيكي سيارات، أو جندي، أو ضابط شرطة، أو ربة بيت في منتصف العمر، أو باعة حلوى للأطفال، أو مصلين يأوون الى بيوت الله، أو حتى بصورة راعي أغنام مسكين.
ولقد ابتكروا وابتدعوا وسائل عديدة لشحن قنابلهم ومتفجراتهم بسيارات الأولدزموبيل وشاحنات نقل الوقود والقمامة، أو شاحنات نقل الأثاث، وحتى استخدام الحمير والدراجات البخارية والهوائية، وباصات نقل الركاب الصغيرة والعربات التي تجرها الحصن، واستطاعوا ملاحقة مراكز التجنيد المتنقلة بشاحنات مفخخة ومملوءة بغاز الكلورين. وتبدو حقائق هذه "الابتكارات في القتل" أن ليس هناك "عقل فردي" وراء كل هذه التفجيرات، وبرغم بعض طرق التقليد المتبعة في حروب سابقة فإن هناك الكثير من "الإلهام الشرّاني" في طبيعة عمل جيش الانتحاريين في العراق.
ويعود فيسك الى قصته مع أم الانتحاري اللبناني (حسن) الذي فجّر نفسه في شاحنة بتلعفر (يمكن مراجعة التفاصيل في تقريرين سابقين) ليقول: على المستوى الفردي يمكن للمرء أن يرى عائلات مصدومة، و(أم خالد) وهي (أم حسن أيضا) على سبيل المثال تعبّر بشكل ثابت عن فخرها بموت ابنها (حسن).. وأمامي –يقول فيسك- كانت تنظر بحب متساو أيضا لابنها (خالد) الذي مازال على قيد الحياة. لكن عندما جادلت زميلتي الصحفية الكندية، وطلبت منه أن يبقى حياً من أجل أمه، تذكر خالد أحاديث نبوية تتحدث عن الالتزام الحتمي إزاء الوالدة بالنسبة للإنسان المسلم، فلاحظت أن عيون أمه تمتلئ دموعاً. إنها ممزقة بين عاطفتها كأم وبين ما تسميه واجبها الديني والسياسي وهي تقدم "شهيداً" آخر بحسب تعبيرها. و(خالد) يعتقد أنه يفعل كل هذا من أجل الله. إن الحجج القديمة هي ذاتها تتكرر –برأي روبرت فيسك- فقد يثير رئيس غربي حرباً على دولة باسم القضاء على الشر ومن أجل الله، فيما تقاتل الدولة تحت الشعار نفسه.
لكنْ يتساءل (فيسك) قائلاً: هل هناك نمط عقلاني بالنسبة للعمليات الانتحارية في العراق؟.
يجيب عن ذلك بقوله: إن الحوادث الأولى لهذا النوع جرت عندما دخلت القوات الأميركية الى العراق حيث كانت تتقدم باتجاه بغداد. وبالقرب من المدينة الشيعية الجنوبية الناصرية قاد عريف الشرطة العراقي (علي جعفر موسى حمادي النومان) سيارة مفخخة نحو حاجز طريق مستهدفاً قوات المارينز. والعريف (علي) متزوج وله خمسة أطفال والمعلومات عنه تؤكد أنه كان جندياً في الحرب ضد إيران خلال السنوات 1980-1988 وهو متطوع لقتال الأميركان بعد أن احتل (صدام حسين) الكويت، وكانت امرأتان شيعيتان قد فعلت الشيء نفسه.
وفي أيامها الأخيرة –يقول مراسل الإندبندنت- حتى حكومة الرئيس السابق (صدام حسين) نفسها كانت "مصدومة". وكان (طه ياسين رمضان) نائب الرئيس آنذاك قد قال محذراً: "إن الإدارة الأميركية ذاهبة الى تحويل شعوب العالم الى الموت من أجل أوطانها. وكل ما يستطيعه أبناء هذه الشعوب هو أن يتحوّلوا الى قنابل ويفجرون أنفسهم".
ويستشهد (فيسك) بقول (رمضان): إذا كانت قنابل بي-52 قادرة على قتل 500 شخص أو أكثر في هذه الحرب، فأنا متأكد أن بعض العمليات من قبل مقاتلينا من أجل الحرية سيكونون قادرين على قتل 5000. وأشار نائب الرئيس العراقي السابق آنذاك الى (لحظة تسامي الشهيد) وهي العبارة التي تستخدمها القاعدة فيما المتحدث "بعثي علماني". وبعد فقط يومين على الاحتلال الأميركي لبغداد قتلت امرأة نفسها بينما كانت تحاول تفجير رمانة يدوية وسط مجموعة من الأميركان خارج العاصمة.
وخلال السنوات الخمس من هذه الحرب، ركز الانتحاريون على القوات الأمنية العراقية التي يقوم الأميركان بتدريبها أكثر من تركيزهم على القوات الأميركية. ولقد نفذوا في الأقل 365 هجمة ضد قوات الشرطة أو القوات شبه العسكرية. وكانت الأهداف التي أصابها الانتحاريون –كما يقول فيسك- حوالي 147 مقراً للشرطة (1577 شرطياً قتلوا)، إضافة الى 43 مركزاً لتجنيد أفراد لجهازي الجيش والشرطة (939 قتيلاً)،و91 نقطة تفتيش (وكحد أدنى 564 ضحية) و92 دورية أمنية (465 قتيلاً) وأعداد هائلة من الأهداف التابعة للشرطة (مرافقون أو سيارات حماية مواكب المسؤولين). وواحد من مراكز التجنيد في وسط بغداد –على سبيل المثال لا الحصر- هوجم من قبل انتحاريين لثماني مرات.
وعلى النقيض من ذلك –يقول المحلل السياسي روبرت فيسك- فإن الانتحاريين هاجموا 24 قاعدة أميركية تسببت في مقتل 100 جندي أميركي و15 من العراقيين، و43 من الدوريات الأميركية ونقاط التفتيش فيما قتل خلالها 116 من العاملين الأميركان وفي الأقل 65 من المدنيين العراقيين، 15 منهم أصيبوا بنيران القوات الأميركية خلال الرد على الهجمات، و26 منهم كانوا أطفالاً موجودين قرب موقع الدوريات. ومعظم الأميركان الذين قتلوا كانوا في شمال أو غرب بغداد.
ويضيف (فيسك) قوله: وقد تركزت الهجمات الانتحارية في بغداد والموصل وفي المدن السنية في شمال وجنوب بغداد. وفي تقرير لاحق تنشر الملف برس المزيد من المعلومات المهمة عن تفاصيل "حرب الانتحاريين" أو كما سميت "الموت الأسود". وبإمكان القارئ الكريم مراجعة التقريرين السابقين على هذين الرابطين:
http://wattan4all.org/wesima/wesima_temp/derasat.htmlhttp://wattan4all.org/wesima_articles/derasat-20080315-26400.htmlالمصدر : الملف برس - الكاتب: الملف برس