العراق للدراسات الستراتيجية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

العراق للدراسات الستراتيجية

موقع عراقي - اخبار- للدراسات الستراتيجية- والاستشارت
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب ـ المافيات.. صناعة الخوف ـ الحلقة6

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
humam




ذكر
عدد الرسائل : 120
العمر : 45
Localisation : iraq
Emploi : baghdad
Loisirs : -----------
تاريخ التسجيل : 19/03/2008

كتاب ـ المافيات.. صناعة الخوف ـ الحلقة6 Empty
مُساهمةموضوع: كتاب ـ المافيات.. صناعة الخوف ـ الحلقة6   كتاب ـ المافيات.. صناعة الخوف ـ الحلقة6 Icon_minitimeالإثنين أبريل 21, 2008 5:01 am

المافيا والذهنية الرأسمالية
إذا كان النموذج المافيوزي بصدد التأثير على العالم الاقتصادي، ونقل العديد من آلياته إليه، فإن المافيات تستلهم أيضا النموذج الرأسمالي. وهكذا «يتقارب في ظل العولمة عالم الاقتصاد مع عالم الجريمة بشكل خطير»، كما يقول المؤلف. ثم يؤكد نقلا عن العديد من الخبراء أن التطور الذي شهده العالم منذ نهاية القرن العشرين كان مؤاتيا إلى حد كبير للنشاطات المافيوزية.
وبنفس الوقت ظهرت شريحة المافيوزيين المقاولين، أي أولئك الذين تأثروا بالذهنية الرأسمالية. وهذا ما يتم التعبير عنه بالقول: «هكذا تترك العولمة الليبرالية غالبا المجال حرّا أمام نموذجين مثيرين للقلق في عالمي الجريمة والأعمال. إنهما نموذج المافيوزي المقاول ونموذج المقاول المافيوزي».
ويتم التأكيد في هذا السياق أن بعض الاقتصادات المتقدمة قد تشرّبت كثيرا آليات عمل النظام المافيوزي، هذا إلى درجة أن العديد من نشاطات المافيا قد ترتبط منذ الأصل ب«الاقتصاد الشرعي». المثال الذي يقدمه المؤلف يخص المافيا اليابانية «ياكوزي». ويشير في هذا السياق إلى أن «المعجزة اليابانية كان لها وجه آخر أيضا، أكثر قتامة، وكان الخبراء يحرصون على عدم ذكره. وهو أن الاقتصاد الياباني كان على صلة وثيقة بمافيات الياكوزي».
وتتم الإشارة هنا أيضا إلى أن اليابان شكّلت حالة فريدة إذ أنها أعطت لمافيا «ياكوزي» وجودا شرعيا. إذا حتى قانون 1992 الشهير الذي جرى تحضيره بأقصى درجات السريّة، كانت هذه المافيا هي الوحيدة في العالم التي كان لها مقرّها الرسمي وعليه لائحة تحمل اسمها وشعارها مثلما تفعل الشركات الكبرى.
وكانت تتعاون «رسميا أيضا» مع أجهزة الشرطة في منظور المساهمة بتعزيز السلام الاجتماعي. ويصف المؤلف هذا السلام أنه كان «من نوع خاص، إذ كان سلام الخوف والعنف» ! ثم يضيف: «لكنه كان فعّالا جدا». بالمقابل ينقل المؤلف عن الكاتب الياباني مانابو ميازاكي قوله: «لعب عالم الياكوزي باستمرار دور الملجأ حيث كان يأتي إليه أولئك الذين لا يملكون أبدا أي مكان يذهبون إليه».
التدمير الخلاق
النموذج المافيوزي يزدهر دائما عندما لا يسمح الوضع الاقتصادي للسكان بالعيش من أي مورد آخر غير الجريمة. وهذا هو الوضع القائم عمليا، في العديد من بلدان العالم الثالث، ولكن أيضا في بعض البلدان المتقدمة التي تواجه أزمات اقتصادية حادّة.
ويتم التأكيد هناعلى أن مافيا الكامورا في نابولي قد لعبت دورا اجتماعيا لا شك فيه. وليس من قبيل الصدفة أن السكان يواجهون رجال الشرطة عندما يأتون إلى بعض الأحياء لاعتقال أحد أعضاء الكامورا بموجة من الغضب وإلقاء الحجارة عليهم وتوجيه الشتائم لهم.
وعندما «تسقط» إحدى العائلات المافيوزية في نابولي فهذا يعني أن العديدين سوف يخسرون فرص عملهم. ومثل هذا الرأي ليس سائدا لدى الرأي العام فقط، وإنما أيضا لدى شريحة من الطبقة السياسية الإيطالية نفسها، خاصة لدى أنصار التيار اللبرالي. هكذا يُنقل عن أحد وزراء حكومة برلسكوني تأكيده أن المافيا كانت موجودة دائما، وينبغي تعلّم العيش معها.
وظاهرة مشاركة المافيا في الحياة العامة والنشاط الاقتصادي للمناطق التي تتواجد بها ليست خصوصية للكامورا في نابولي. ففي مدينة نيويورك تسيطر نقابة العمال على المرفأ وهي موزعة الولاء. بين عائلتين مافيوزيتين. وكانت العدالة الأميركية قد حاولت القيام بعمل ضد التغلغل المافيوزي لكن ذلك لم يثر حماس السكان. ذلك أن العمّال راضون عن نقابتهم على مستويات الأجور والغطاء الاجتماعي والصحي وهم لا يريدون تغيير الوضع القائم.
مثل هذه السمة هي إحدى صفات المجتمعات التي تتيح المشاركة المافيوزية، وذلك عبر تركها للفقراء الاختيار بين البقاء في بؤسهم أو أن يصبحوا مافيوزيين. وعندما قامت العدالة الأميركية بالاعتقالات الأولى بين عمّال مرفأ نيويورك، ارتفعت الاحتجاجات والقول أن الأمر يتعلق بهجوم حكومي ضد «الأميركيين من أصل إيطالي»، وما اعتبره البعض نوعا من العنصرية.
مثل ذلك الخلط بين ما هو مشروع وما هو غير مشروع إنما ينمّ، حسب التحليلات المقدّمة، عن رؤية اقتصادية صرفة. ولكنها تتماشى مع رؤية رأسمالية تقول أنه يمكن ل«الرذائل الخاصة أن تنتج الخير العام». وذلك تماشيا أيضا مع مقولة جديدة سادت في ظل العولمة اللبرالية وتتعلق بأهمية «المال». وينقل المؤلف هنا عن جون سكيلينج، خريج هارفارد ورئيس مجموعة «انرون» عندما كان في أوج قوته، قوله: «المال هو الشيء الوحيد الذي يهم الناس».
بورجوازية مافيوزية
إن النتائج المترتبة على إمكانية تغلغل الظواهر المافيوزية في النشاطات الشرعية لم تتأخر في أن تكون مثيرة للقلق على الصعيد الاجتماعي. ذلك أنه للمرة الأولى تستطيع المافيات بفضل ثرواتها الخروج من حالة الانغلاق من الجيتو الإجرامي الذي كانت معزولة بداخله، كي تتحول إلى بورجوازية محترمة.
هذا التحوّل الذي قامت به المافيات وجد ما يشجّع عليه في الأجواء المحيطة، وفي روح العصر الذي نعيش فيه حيث لا تكتسي المسائل الأخلاقية سوى أهمية قليلة بينما يُعطى جل الاهتمام للنجاح وللتكريس الاجتماعي مهما كانت السبل.
ثم أصبح المافيوزيون يشكلون «أبطال العصر» الذين يستطيعون أن يحصلوا عبر إمكانياتهم المادية على جميع المظاهر الخارجية للنجاح، من ملابس أشهر دور الأزياء وعربات فاخرة والتردد على أكبر المطاعم. بهذا المعنى أصبح المافيوزيون يثيرون الاحترام لدى الأفراد الذين ليس لديهم أية معايير للنجاح سوى معايير المظاهر الخارجية.
امتدّ وجود هذه البورجوازية المافيوزية إلى مختلف قطاعات النفع العام، وصولا إلى قطاع الصحة العام أو الخاص ووصل الأمر إلى حد أنه ليست هناك قضية ومهما كانت صغيرة لا تتدخل فيها المافيات في عدد من مناطق جنوب إيطاليا مثلا. ولم يتردد زعماء هذه المافيات في تعيين أبنائهم أو أقاربهم على رأس المصالح الصحية. بل إن الكثير من هؤلاء كانوا قد أنجزوا دراساتهم من أجل تلك الغاية.
وضمن نفس السياق جرى تكريس «الثقافة المافيوزية» وتشكل «صناعة اللهو» إحدى النشاطات التي جنت منها المافيات مبالغ مالية طائلة ابتداء من الدعارة ووصولا إلى إنتاج الأفلام الخليعة ومرورا بنوادي اللعب والمقامرة وغير ذلك من النشاطات التي لا تتوجه أبدا إلى عقل الإنسان وإنما فقط إلى غرائزه.
بكل الأحوال تسمح المؤشرات القائمة في عالم اليوم بالقول أنه يمكن للمافيات تأمل أن تزيد من سلطتها وأن تتغلغل إلى مراكز القرار السياسي في العديد من الدول التي كانت بعيدة عنها قبل العولمة. كما أنها قد استطاعت، بفضل الإمكانيات المالية الهائلة التي حصلت عليها أن «تشتري» العديد من الدول.
وبمقدار ما اقتربت السياسة من الاقتصاد في إطار العولمة اللبرالية أصبحت المافيات موضع الاعتراف بها كممثلة لما يتم وصفه بالسلطات غير الشرعية، وإنما التي أصبح لها وزنها بالتوازي مع السلطات الأخلاقية وسلطات السوق. ولا شيء يمنع من أن تصبح المافيات، حسب التحليلات المقدمة، إحدى القوى المؤثرة في اتخاذ القرارات الخاصة بالمعايير المطبّقة في تسيير الاقتصاد العالمي.
وذلك رغم أنها قوة غير رسمية وإنما قوة لها دورها في الثورة المالية الجارية. وإذا كان من الصحيح القول أن المافيات لا تزال بعيدة على أن تلعب دور المشرّع، فإنها دخلت، مع ذلك، في دائرة «الفعل» والتأثير على مسارات العديد من الدول.
لا تزال «المقاومة» الحقيقية مرهونة ببعض الأفراد المعزولين، من أمثال القاضي الشهير جيوفاني فالكوني الذي دفع حياته ثمنا لإرادته الكشف عن المخططات والشبكات المافيوزية في باليرمو، وأيضا من أمثال أحد مقاولي باليرمو المشاهير «ليبيروجراسّي» الذي رفض دفع أية أتاوة للمافيات فتخلّى عنه رفاقه المقاولون واغتالته المافيا لاحقا.
تبقى الخطورة الكبيرة، كما يحددها المؤلف في النهاية، هي في قدرة المافيات على التغلغل في الثقافة المعاصرة بحيث أن الجريمة المنظّمة أصبحت إحدى مكونات المشهد السائد في مطلع هذا القرن الحادي والعشرين، رغم أنها تمثل في جوهرها تهديدا لمجتمع الحريّة الذي تعتبر الإيديولوجية الليبرالية السائدة في عصر العولمة أنه أحد أولوياتها الأساسية.
في المقطع الأخير من الفصل الأخير في هذا الكتاب يرى المؤلف أن أخطر سلاح استطاعت المافيات الحصول عليه هو سلاح التوصل إلى قبولها ثقافيا مما يسهّل سيطرتها على العقول. وثقافة اللحظة السائدة لا تمكن مواجهتها سوى بثقافة متينة. لها مرجعياتها ومشروعها المستقبلي. ف«السلطة يتم الحصول عليها بواسطة الأفكار»، كما قال المفكر الإيطالي الشهير انطونيو جرامشي، وما يختتم به المؤلف كتابه
عرض ومناقشة: د. محمد مخلوف
البيان الامراتيه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://iraq.forum-canada.net/
 
كتاب ـ المافيات.. صناعة الخوف ـ الحلقة6
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب ـ المافيات..صناعة الخوف ـ الحلقة6
» كتاب ـ المافيات.. صناعة الخوف ـ الحلقة (1)
» كتاب ـ المافيات.. صناعة الخوف ـ الحلقة (2)
» كتاب ـ المافيات..صناعة الخوف ـ الحلقة (3)
» كتاب ـ المافيات.. صناعة الخوف ـ الحلقة5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العراق للدراسات الستراتيجية :: دخول المنتديات الدراسات العسكرية والامنية والسياسية :: الدراسات الستراتيجية الامنية-
انتقل الى: