الكتاب: الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق
الكاتب: محمد حسنين هيكل
الناشر: دار الشروق - القاهرة
عدد الصفحات: 437 صفحة
عندما يكتب " الأستاذ" كما يطلق عليه في الإعلام المصري أو الكاتب الصحفي البارز محمد حسنين هيكل عن " الإمبراطورية الأمريكية" وحالة الجموح والطموح التي تملأ رؤوس ما يسمون بـ " صقور البيت الأبيض" فإنـه يكتب عن جذور الأحلام، فيغوص في العمق الأمريكي منقباً وباحثا عن وثائق وأدلة دامغة، جعلته يكتب هذا العنوان..
فالكتاب " قصة وقائع سياسة قائمة" و" هي في الوقت نفسه شكل أحوال سياسـة قادمة" كما يقول محمد حسنين هيكل، فالجميع شاهد عيان على الجموح الأمريكي نحو الغزو، وحالة الهستيريا التي أخرجت " المارد من القمقم" بعد أحداث 11 سبتمبر، فالتهم أفغانستان، وبعد عام فتحت شهيته ليلتهم العراق بنفس السرعة، و" محور الشر" الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي يضم مجموعة من الدول، عليها الدور أو مدرجة في القائمة الأمريكية، وإن كان المؤشر الأمريكي في الغزو والاحتلال اتجـه بسرعة نحو سوريا، وقرع طبول الحرب، ثم عدل في تجاه إيران، والآن يتجه جنوب صوب السودان، مستغلا أزمة دارفور.
والمبررات جاهزة، بل الذهنية التي تسيطر على البيت الأبيض، ليست في حاجة إلى أدلة، ولا هي منتظرة الأمم المتحدة، والحصول على قرارات من مجلس الأمن، تكون مظلة لها، وإن كانت توفقت بضعة أيام بعد 11 سبتمبر وسائدها المجتمع الدولي تحت وطأة الكارثة، فغزت أفقر دولة في العالم وهي أفغانستان، تحت ستار الحرب على الإرهاب، فإنها – واشنطن ومن سار في فلكها خاصة لندن ومدريد- لم تلجأ إلى مجلس الأمن تجاه العراق، و" من لم يكن معنا فهو ضدنا".. طبقا للمفهوم البوشي، فاتخذ قرار غزو العراق دون أي اعتبار لشرعية دولية أو غيره، وكان الشعار " أسلحة الدمار الشامل لدى صدام حسين"، والآن واضح أن الدور أقترب على السودان تحت ستار "الإغاثة الإنسانية" وإبقاء الدارفوريين من حكومة الخرطوم وقبائل الجنجويد.
والكاتب الأستاذ محمد حسنين هيكل حاول أن " يفتش في الضمير الأمريكي وينقب عن حلم الإمبراطورية التي يسعى إليها " الصقور" وموقف العالم العربي منها، ويرى " مشكل المشاكل بالنسبة للعالم العربي في المستقبل من عشرة إلى عشرين سنة تكمن في مجال السلامة القومية، في العلاقة مع الإمبراطورية الأمريكية باستنارة، وكفاءة وسط ما أسماه بالمستحيلات الأربعة هي:
أولا: صعوبة إقامة صداقة حقيقية مع الإمبراطورية الأمريكية، لأن تلك فرصة ولت منذ زمن بعيد.
ثانيا: خطورة الدخول في عداء مطلق مع الإمبراطورية الأمريكية لأن هذا الأمر يصل إلى درجة الصدام العنيف، وتحد لا تستطيع الأمة احتماله.
ثالثاً: منزلق الاندفاع إلى النهاية في العداء مع أمريكا وحالة الكراهية العاجزة.
رابعاً: استحالة الصبر إذا توهم العرب أن بإمكانهم تجاهل الإمبراطورية الأمريكية وتركها لعوامل الزمن تعريها وتكسو شوكها.
فأزمة كل الدول العربية مع امريكا أنها "قريبة جداً إلى درجة الالتصاق من الإمبراطورية الأمريكية، وبعيدة جداً إلى درجة الانفصام عن أي عقل أو فعل"..!!
وتناول الأستاذ هيكل في كتابه إضافة إلى المقدمة قضايا شائكة، بدأها بالتفتيش في الضمير الأمريكي وعلاقة العرب معها، وانتهى الحديث عن "القرار الأمريكي في زمن قادم"، وما بين البداية التفتيشية -أن صح التعبير- وماذا نحن فاعلون، كان الحديث عن التاريخ والجذور والأحلام والأوهام وقراءة في أوراق الجنرالات والرؤساء والقادة، والقوة المسلحة الأمريكية وأضلاع القوة فيها.
فعندما يتكلم هيكل عن " مهمة التفتيش في الضمير الأمريكي" فهو يتكلم عن المعادلة المستحلية في التعامل العربي مع أحلام الإمبراطورية الأمريكية الجامحة، والانتقال من الدولة الديمقراطية إلى الإمبراطورية التوسعية، ويعرج في ذلك إلى مفهوم الحرب في التاريخ الأمريكي ليقرأ به الواقع الآن في افغانستان والعراق وما سيحدث في المستقبل.
فالإمبراطورية الأمريكية هي " الأكبر" و" الأسهل" وأيضا " الأسرع" وأن المهام المنوطة بها - طبقاً لمفهوم الخطاب الأمريكي- مهام دينية آلهية مقدسة، والفرصة سانحة الآن لتحقيق هذا الأمر فلماذا السكوت أو السكون أو النكوص، فهذا هو الواجب المقدس.
ويتحدث هيكل عن " الإعصار الأمريكي" وأسلوبـه الجديد في استخدام السلاح، وكيف انتقل الأمريكيون من " الحظيرة إلى المسيرة"، ويتناول " إمبراطورية تكساس" والإمساك بالبيت الأبيض وبالقرن الحادي والعشرين، وكيف ولد " دوبيا من جديد أمام المرأة" بعد أن كان غارقــاً في الخمر حتى الثمالة، ويصل إلى "11 سبتمبر وتوابعه" والانطلاقة نحو الإمبراطورية.
ثم يقرأ هيكل " أوراق إدارة بوش" ليبحث عن الحقيقة التي تخزن في العقول وتخرج إلى حيز التنفيذ، والانتقال إلى " القدرة على الفعل" والاستبائية في الضرب والسيطرة، وعدم تفويت الفرصة لظهور منافسين محتملين في المستقبل.
ويفسر كيف حلت بغداد محل كابول وبدلاً من حرب الأشباح لمطاردة ابن لادن والملا عمر والظواهري والقاعدة وطالبان في بلد فقير لا امكانات ولا ثروات إلى العراق بلد أغينا بالنفط والثروات، ويشكل محور ارتكاز للدخول وبسهولة إلى سوريا حيث الحدود المجاورة أو الانقضاض على إيران.
وينتقل المؤلف للحديث عن " صناعة القرار الأمريكي.. الآن " والإمبراطورية "القطاع الخاص" التي استحوذ عليها الصقور وطوعوها لمصلحتهم ولأفكارهم ولأحلامهم، وتحريك هذه الأفكار بالدبابات، ونظرية الاستيلاء بنصف حرب على العراق، ثم يتناول المؤسسة العسكرية الأمريكية والبيت الأبيض والسلاح في زمن الفضائح، ونظرية رامسفيلد، والمعركة السياسية مع أوروبا، وقوة الشرعية وقوة السلاح.
وفي الفصل الخير " القرار الأمريكي في زمن قادم" يبحث هيكل عن فلسفة الغطاء الذي باتت تبحث عنه أمريكا لتبرير تدخلاتها وحقوق السلاح علي السياسة لينتهى بعنوانه " ماذا بعد الآن"؟!!
فهناك تحولات في الرأي العالمي وتخوف كبير من هذا التحول، وخاصة في تاريخ ما بعد الغزو والمأزق الذي وقعوا فيه حيث المقاومة الشرسة والعمليات الحرجة التي أقلقت مضاجع الجنود والضباط الأمريكيين، الذين يعانون من مشكلات كبيرة، وهذا قطعا سيجعل الأمريكيون يعيدون قراءة أوراقهم من جديد لأن منطق الأشياء يقول: طالما أن القوات المسلحة أصبحت وسيلة المشروع الإمبراطوري وعليها مسئولية فهذا الأمر يلزمه " كلام كثير وكلام جديد " من وجهة نظر هيئة الأركان المشتركة.
ويرى هيكل أن الإمبراطورية الأمريكية بلغت الذروة في الصعود، وهذا يفرض عليها أعباء وتكاليف للحفاظ على هيية وقوة هذه الإمبراطورية لأنها تختلف عن سابقاتها من الإمبراطوريات عبر التاريخ وأنها توظف لخدمة أهداف أقوى وأكبر من الإمبراطوريات السابقة وهي املك سطوة السلاح التي لم تتوفر لغيرها ولها الأسلوب الجديد في السيطرة والجرأة والجسارة إلى درجة الاقتحام والاختراق لخصوصيات الدول والشعوب والقدرة على خطف وعي الآخرين وأرتهانه.
لتحميل الكناب
http://www.4shared.com/file/66571657/498a895a/______.html?s=1او
http://www.egyptsons.com/misr/ext.php?ref=http://www.4shared.com/file/25201313/36c7b263/____.html