humam
عدد الرسائل : 120 العمر : 45 Localisation : iraq Emploi : baghdad Loisirs : ----------- تاريخ التسجيل : 19/03/2008
| موضوع: كتاب- المصالحة..الإسلام والديمقراطية والغرب-الحلقة(2)تأليف :بنازير بوتو الثلاثاء أبريل 08, 2008 12:19 pm | |
| فيما يمكن اعتباره شهادة من القبر تقول بوتو في وصف مشاعرها تلك: يجب أن أعترف بأنني شعرت بالأمان وسط البحر الهائل من الحب والمساندة التي كانت تحيط بي. الأكثر من ذلك فإنني كنت اعتقد أن الاغتيال أو المغتالين سيحاولون أن يضربوا الزجاج الواقي من الرصاص حيث يتوقعون أن أكون موجودة أكثر في الجزء الأمامي من السيارة. لقد كنا نتوقع هجمات من قبل قناصة وبقنابل انتحارية، لم نكن نتوقع انفجاراً بالسيارة. |
ومع اقتراب منتصف الليل ومعرفة أننا مازلنا على بعد أميال والكثير من الساعات من الضريح. دخلت إلى داخل السيارة مع سفير باكستان السابق لدى الأمم المتحدة والذي انضم مؤخراً إلى حزب الشعب بحماس كبير. كانت قدما بوتو قد تورمتا جراء الوقوف في مكان واحد لأكثر من عشر ساعات. |
بدأت بوتو بعد ذلك تعد نفسها لإلقاء الخطبة على مقبرة علي جناح والتي كانت تعتبرها أهم الخطب التي ستلقيها في حياتها. لقد كانت تلك الخطبة ـ على المستويين العملي والرمزي ـ التي يجب أن توضح للعالم أن الشعب الباكستاني يريد التحول إلى الديمقراطية بأقصى سرعة ممكنة، ويرفض سياسات الديكتاتورية. |
وفيما موكب بوتو يواصل مسيرته بدأت الجماهير تتزايد أكثر مما كانت من قبل وقد كان كل من حولها يعبرون عن ذهولهم. كان ذلك، حسب تعبير بوتو، تاريخاً حقيقياً يتم صنعه، على نحو ستبقى هذه الليلة معه في ذاكرة الشعب الباكستاني ولن يتم محوها. |
قرأت بوتو الخطبة لمستشارتها السياسية ناهد خان وأرادت أن تكون متأكدة من أن كل كلمة صحيحة. وخلال ذلك راحت تشير إلى انه ربما كان من المهم الإشارة إلى الالتماس من المحكمة العليا بشأن السماح للأحزاب السياسية في المناطق القبلية في إطار خطة لاحتواء التطرف والمتطرفين هناك. |
وما أن نطقت بوتو بكلمة المتطرفين حتى وقع انفجار هائل تبعه صمت مميت تبعته صرخات مفزعة. تشير بوتو إلى أن الانفجار جعل سيارتها تهتز وأصابها ألم حاد في أذنها جراء الصوت الهائل الذي نجم عنه. ثم وقع انفجار ثان أكبر وأكثر ضراوة، فيما أصيبت سيارة بوتو ببعض الأضرار. |
من هول الحدث يبدو أن بوتو لم تلم بكل ما جرى آنذاك وهنا تنقل ما ذكره لها صحافي أوروبي وآخرون ممن كانوا شهود عيان وقت الحدث من أن حدث إطلاق نار من قبل بعض القناصة كذلك فيما يبدو أنه كان يستهدفها. تقول بوتو: من المؤكد أن الزجاج الواقي من الرصاص . |
حيث كنت أقف حدثت به ثقوب جراء رصاصة أو شظية. اشتعلت النيران حول الشاحنة فيما الدماء والأجساد المحترقة بدت منتشرة في كل مكان. وكان من بين ضحايا الانفجارات مجموعة الشباب الذين كانوا يشكلون درعاً بشرية لحمايتها. تبدي بوتو إحساسها بالألم عليهم قائلة: لقد كانوا منذ دقائق قليلة تغمرهم الحياة يرقصون ويبتسمون ويمررون الطعام والشراب إلينا، فيما أنهم الآن ميتون. |
لقد كانت مذبحة وقد كان أسوأ منظر أراه وأنا متأكدة من أنه سيكون الأسوأ على مدار حياتي. ولعل بوتو «ابنة القدر» لم تكن تدري أن ذلك هو المصير الذي ستؤول إليه هي ذاتها بعد نحو أكثر من شهر جراء دور رأته لنفسها وعملت على تحقيقه. تقول بوتو في وصف مشهد ما بعد الانفجار: كانت أجساد الموتى والمصابين راقدة في صمت الشارع، متكومة فيما الشوارع مليئة بدماء الأبرياء. |
ومن المفارقات التي تذكرها بوتو وتكشف عن القدر من الحب الذي كانت تتمتع به، حسبما تشير ضمن الكتاب، أنها فيما بعد وعلى «دي في دي» سمعت مصابين يقولون في صوت ضعيف أو واهن فيما يلفظون أنفاسهم الأخيرة: تحيا بنازير! |
لقد لقي ثلاثة ممن كانوا على متن سيارة بوتو حتفهم في التفجيرات. وتشير بوتو إلى أنه السبب الأساسي لبقائها حية، بعد إرادة الله بالطبع، شجاعة الدرع البشرية التي شكلها مجموعة الشباب حول سيارتها على نحو حماهم من التفجير بإيقاف المفجرين من الاقتراب من السيارة مضحين بحياتهم من أجل الديمقراطية الباكستانية. |
لم تكن بوتو تريد مغادرة الشاحنة التي يقوم على حراستها أمن حزب الشعب إلى الشوارع ولكن بعد نحو ثماني دقائق تم نقلها، وسط مخاوف من حدوث انفجارات أخرى. وفي سيارة المشرف على أمن الموكب توجهت بوتو إلى منزل بيلاوال ـ اسم منزلها في كراتشي وقد أطلقت عليه اسم ابنها - عبر الشوارع الخلفية من أجل تجنب القناصة الذين كانوا يريدون اصطيادها لدى مغادرتها، إن منزل بيلاوال هو اسم منزلي في كراتشي، والذي لم أراه منذ ثمانية أعوام. |
وخلال رحلة التوجه إلى المنزل تطوع مجموعة شباب آخرين لتشكيل درع بشرية أخرى وسط مخاوف من أن يكون منفذو محاولة الاغتيال لديهم خطة مساندة لمواصلة متابعة بوتو حال إفلاتها من العمليات الأولى في ضوء معرفتهم بأن منزل بيلاوال هو آخر وجهاتهم في ختام الموكب. وهنا تذكر بوتو أنه في عام 1993 حاول رمزي يوسف وضع قنبلة يتم تفجيرها لدى مغادرتها المنزل، وهو الهاجس الذي جعلها ترى أن منزلها الذي يفترض أنه محصن، هو المكان الذي قد لا يتحقق فيه أمنها على نحو كبير. |
دخلت بوتو منزل بيلاوال الذي بناه زوجها لها بعد زواجها والذي أطلق عليه اسم أكبر أطفالهما، وفي مشهد إنساني مؤثر تقول بوتو: لقد صعدت السلالم ورأيت صورة أطفالي الثلاثة ينظرون إلي، وأدركت ما يمكن أن يكونوا عاشوه من رعب وسط عدم معرفتهم بما إذا كانت حية أم ميتة. |
في تصورها ذاك استعادت بوتو نفس الموقف الذي عاشته بشأن والدها فلقد انتابها الرعب جراء القبض على والدها وسجنه فيما بعد وقتله، وهو ما جعلها ملهوفة على أن تطمئن أبناءها وتجنبهم نفس الصدمة التي عاشتها وما زالت ـ على وفاة والدها. |
تشير بوتو في سياق تبرير كل ما حدث مؤكدة أن الثمن الهائل الذي تم دفعه من قبل والدها وإخوتها ومناصريه وكل أولئك الذين قتلوا وسجنوا وعذبوا وكل التضحيات التي تمت، والتي تقوم بها هي. |
وسط هذه المشاعر تحدثت إلى زوجها وأكدت لأسرتها أنها بخير، ومن فضل الله أنهم كانوا قد خلدوا إلى النوم ولم يروا الانفجار على التلفزيون. وقد أخبرتها إحدى ابنتيها فيما بعد أنها ذهبت إلى الفراش سعيدة تفكر في الاستقبال الحار الذي تلقيته والدتها لتستيقظ على رسالة نصية من صديقة تسألها عما إذا كانت والدتها بخير؟ وبقلبها جرت إلى غرفة أبيها الذي ضمها إلى صدره مؤكداً لها «إن أمك بخير». |
كانت الساعة السادسة صباحاً قبل أن تذهب بوتو إلى النوم لعدة ساعات لتصحو على حقيقة مزعجة. فقد تحقق هدف المتآمرين حيث احتلت قصة المذبحة محل قصة الملايين الثلاثة الذين خرجوا في استقبالها. |
هنا تعود بنا بوتو، وبعد رواية هول تفاصيل اللحظات الحرجة لمحاولة اغتيالها، إلى عرض رؤيتها بشأن أبعاد وحقيقة ما حدث مؤكدة وجود دور من قبل أجهزة رسمية على الأقل عن طريق التواطؤ فتشير إلى أنه رغم حقيقة أن المستشفيات في كراتشي تفيض عن حاجتها من شهود العيان لمحاولة الاغتيال، فإن الشرطة لم تفتح على ما يبدو تحقيقاً بشأنه. |
لم يكن هناك فرق من الأدلة الجنائية تجمع الأدلة في موقع الانفجار، ومع كل دقيقة تمضي، فإن الأدلة الحيوية المحتملة، كانت تختفي من المشهد. وبدلاً من أن يتم تسييج الموقع من أجل حماية الأدلة فإنه أصبح نظيفاً خلال ساعات وتم تدمير الأدلة.. لا أحد من الشرطة أو الحكومة قام بجمع الشهادات من ضحايا الهجوم. |
وكان يبدو أن هناك اتجاهاً منذ اللحظة الأولى إلى التعتيم. وإن كان من الصعب تصور أن يجري الأمر على هذا النحو تماماً وأنه من المرجح أن تكون هذه الخواطر قد كتبت قبل تشكيل لجان رسمية للتحقيق، رغم احتمالات صحة ما أشارت إليه بوتو بشأن تدمير الأدلة. |
تقول بوتو: من الواضح أن ذلك ربما كان من أساليب عمل تنظيم القاعدة في إطار ما تراه من صراع مسلمين في مواجهة مسلمين على خلفية الصراع الأكبر بين من يدعون انتماءهم للدين الإسلامي ويعملون على اختطافه وبين المنادين بالديمقراطية. ورغم ذلك لا تبرئ بوتو آخرين، فتقول إن الأمور في باكستان غالباً ما تدور على غير ما تبدو، حيث تتداخل دوائر التأثير والفعل. وبلغة واضحة تقول إن هذا العمل يبدو حقيقة أنه من أعمال القاعدة وطالبان معربة عن عدم شكها في تورطهما، غير أنها تضيف أن التفجيرات على النحو الذي تمت به تشير إلى مؤامرة أكبر. |
وفي محاولة دعم وجهة نظرها تلك تشير إلى أن طالبان إنما تعد ربيبة النظام الباكستاني حيث أنشأت عناصر من الاستخبارات، والكلام لبوتو، طالبان بالفعل في الثمانينات، كما أن عناصر معينة من الاستخبارات متعاطفة مع القاعدة أيديولوجياً ودينياً وقد تم تجنيد بعضهم للعمل معها، وقد حددت بوتو أسماء بعض هؤلاء كما أشرنا من قبل في خطابها إلى مشرف قبل عودتها. |
في البداية وضعت الحكومة شخصاً في موقع المسؤولية عن التحقيقات متورط في تعذيب زوجها آصف إلى حد الموت عام 1999، ومضيفين إهانة إلى الجرح الخطير فإن بعض أنصار نظام مشرف راحوا يدعون، حسبما تذكر بوتو، أن التفجيرات مدبرة من قبل حزب الشعب من أجل كسب المزيد من التعاطف الشعبي معه. |
وتشير إلى مصلحة بعض العناصر في النظام من استمرار الوضع الراهن وأنه على هذا الأساس جرى رفض طلبها بإشراك فرق تحقيق من الاف بي آي أو سكوتلاند يارد اللذين يعتبران أفضل أجهزة على مستوى العالم من أجل المساعدة في التحقيقات، الأمر الذي تم رفضه من قبل النظام بشكل فوري بدعوى أنه انتهاك للسيادة الباكستانية. |
وهنا تفند بوتو هذه المزاعم مشيرة إلى سوابق عديدة من قبل تم الاستعانة فيها بأجهزة تحقيق خارجية، ومن ذلك أن باكستان طلبت مساعدة الاف بي آي في التحقيقات بشأن تفجير السفارة المصرية في إسلام آباد. كما طلبت مساعدة الاف بي آي في التحقيقات المتعلقة بوفاة قائد الجيش آصف نواز في 1993. |
وقد طلبت محققين دوليين من أجل المساعدة في التحقيق بشأن وفاة أخي مرتضى في 1996. كما أن كلاً من الاف بي أي وسكوتلاند يارد قدما مساعدة في التحقيق في حادث طائرة الرئيس ضياء الحق والسفير أرنيه رافيل عام 1988. لقد كانت هناك سابقة بعد الأخرى عبر ثلاث إدارات باكستانية مختلفة، على نحو يسمح بمساعدة خارجية في التحقيقات بشأن جريمة القتل الكبرى التي تمت في الساعات الأولى ليوم 19 أكتوبر، ومع ذلك فإن نظام مشرف العسكري رفض. وتتساءل بوتو: إذا لم يكن هناك شيء يتم إخفاؤه فلماذا رفض تسهيل مهمة عملية التحقيقات؟ |
عرض ومناقشة: مصطفى عبدالرازق | البيان الامراتيه | |
| |
|