humam
عدد الرسائل : 120 العمر : 45 Localisation : iraq Emploi : baghdad Loisirs : ----------- تاريخ التسجيل : 19/03/2008
| موضوع: كتاب ـ التطهير العرقي في فلسطين ـ الحلقة (4) الثلاثاء أبريل 29, 2008 4:56 am | |
| أما مسألة مواجهة السكان الفلسطينيين في دولتهم اليهودية المقبلة فقد تعرضت لمناقشات مكثفة في الشهور السابقة على انتهاء الانتداب البريطاني وظل مفهوم جديد يقفز من وقت لآخر في دهاليز القوة الصهيونية، ويتلخص في كلمة واحدة هي: «التوازن»، والمقصود بها هو التوازن الديموغرافي بين العرب واليهود في فلسطين، وعندما كان يميل ضد الغالبية اليهودية كانوا يصفون الموقف بأنه مأساوي. |
وتوصلت القيادة الصهيونية إلى نوعين من مواجهة هذا المأزق: أحدهما من أجل الاستهلاك الجماهيري، والثاني من أجل الجماعة المحدودة القريبة من بن غوريون. وتركزت السياسة العلنية في ترويج الحاجة إلى تشجيع الهجرة اليهودية بحجم كبير. أما في الدوائر المحدودة فقد كان القادة يقرون بأن الهجرة المتزايدة لن تكفي لموازنة الغالبية الفلسطينية ويقولون إن الهجرة اليهودية تحتاج إلى أن تصاحبها وسائل أخرى. |
وكان بن غوريون قد سبق ووصف هذه الوسائل في عام 1937 لأصدقائه فأخبرهم بأن حقيقة وجود غالبية فلسطينية يجب أن تدفع المستوطنين اليهود إلى استخدام القوة لتحقيق الحلم أي: «فلسطين يهودية». وبعد عشر سنوات، يوم 3 ديسمبر 1947 ألقى خطابا أمام جمع من كبار أعضاء حزبه (حزب الماباي) كشف فيه بوضوح عن كيفية التعامل مع الحقائق المرفوضة في قرار الأمم المتحدة. ومن بين ما جاء في خطابه قوله: «يوجد 40% من غير اليهود في المناطق التي خصصت للدولة اليهودية. وهذه التركيبة لا تشكل أساسا صلبا لدولة يهودية. |
وعلينا مواجهة هذه الحقيقة الجديدة بكل ما تحتويه من قسوة وتفرقة. إن مثل هذا التوازن الديموغرافي يختبر قدرتنا على الحفاظ على السيادة اليهودية.. وإن دولة بها 80% من اليهود على الأقل هي وحدها الدولة المستقرة والقابلة للحياة». |
وفي يوم 2 نوفمبر، وقبل نحو شهر من صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تحدث بأوضح عبارات ممكنة عن أن التطهير العرقي هو الوسيلة البديلة أو المتممة لضمان قيام دولة جديدة يهودية حصريا. وزعم بن غوريون أن الفلسطينيين داخل تلك الدولة سوف يكونون طابورا خامسا، ولذلك يمكن اعتقالهم بشكل جماعي أو طردهم، ومن الأفضل طردهم! |
في ذلك الوقت بدأت القيادة الصهيونية في دراسة استكمال الوسائل الفعلية الملموسة لطرد الأعداد الهائلة من السكان، فقد كان يعيش على أراضي الدولة اليهودية المقبلة مليون فلسطيني في أوائل ديسمبر 1947 من بين مجموع السكان الفلسطينيين البالغ مليونا وثلاثمئة ألف نسمة بينما كان المجتمع اليهودي نفسه يمثل أقلية من 600 ألف فرد. |
في اليوم العاشر من الشهر نفسه اجتمعت اللجنة الاستشارية الصهيونية في تل أبيب لتستمع إلى متحدثين اثنين من غلاة الإرهابيين الصهاينة، الأول مهاجر يهودي من سوريا اسمه عزرا دانين عضو عصابة الهاغاناه ورئيس «القسم العربي» المشرف على تجنيد عملاء عرب للتجسس على الفلسطينيين والدول العربية المجاورة، كما كلف بعد ذلك بالإشراف على أنشطة القوات اليهودية بعد الاحتلال عندما بدأت عمليات التطهير العرقي. |
أما المتحدث الثاني فهو الإرهابي جوش بالمون من مواليد فلسطين، ويعتبر التالي في القيادة بعد دانين. وقد ارتكب الاثنان وضباطهما العديد من الجرائم ضد القرى الفلسطينية وسكانها في سرية تامة حتى يوم الاجتماع. وقد افتتحا اجتماع تل أبيب بقولهما إن النخبة من سكان الحضر الفلسطينيين معتادون على مغادرة بيوتهم إلى مقار إقامتهم الشتوية في سوريا ولبنان ومصر حتى تهدأ حالة التوتر في فلسطين فيعودوا إلى منازلهم من جديد، وهو تصرف طبيعي من أهل المدن. |
ومع ذلك فإن بعض المؤرخين الإسرائيليين يتعمدون تفسير ذلك على أنه «هروب إرادي» وذلك لكي يوهموا الناس بأن إسرائيل ليست مسؤولة عنهم. ويضيف مؤلف الكتاب أن هؤلاء المغادرين كانوا ينوون العودة إلى بيوتهم مرة أخرى بعد إقامة قصيرة في الخارج، غير أن الإسرائيليين كانوا يمنعونهم من العودة، وهو تصرف مماثل لعمليات طرد المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم بهدف إنقاص عددهم. واقترح الإرهابيان الاثنان ضرورة اللجوء إلى العنف لإرهاب هؤلاء السكان، وأشارا إلى أن تطبيق استراتيجية أكثر عدوانية ضدهم سوف يضعهم «تحت رحمة الصهاينة». |
وأعجب بن غوريون بتلك العبارة وتساءل: ماذا تقصدون باللجوء إلى أعمال عنيفة؟ فأجابه الإرهابيان بأنهما يقصدان تدمير حركة الانتقالات (الباصات، والشاحنات التي تحمل المنتجات الزراعية، والسيارات الخاصة.. الخ) وكذلك إغراق مراكب الصيد في يافا، وإغلاق محلات الفلسطينيين ومنع المواد الخام من الوصول إلى ورشهم. |
وبعد ثلاثة أيام كتب بن غوريون رسالة إلى موشي شاريت ليوضح له أن «الفكرة العامة هي أن يصبح المجتمع الفلسطيني في المنطقة اليهودية تحت رحمتنا» ويمكن لليهود أن يفعلوا بهم كل ما يريدون بما في ذلك «تجويعهم حتى الموت». وهذا ما نقله مؤلف الكتاب عن يوميات بن غوريون وما سجله فيها يوم 11 ديسمبر 1947 ورسالته إلى شاريت. ونحن من جانبنا نتساءل: أليس هذا ما يحدث حتى اليوم تنفيذا لتلك الخطة الصهيونية الجهنمية الهادفة إلى ما يسميه الصهاينة «اقتلاع جذور الفلسطينيين»؟! |
ولعل مما يؤكد ذلك ما جاء في تقرير حقوقي نشر مؤخرا يوم 18 فبراير 2008، مؤكدا أن معدل الفقر بين العرب المقيمين في إسرائيل يبلغ أربعة أضعاف اليهود. وفي نهاية اجتماع اللجنة الاستشارية الصهيونية استقر رأي الحاضرين على اختيار ما أسموه «حملة اشتباك منهجية للتصفية». |
وقد بدأت الحملة في اليوم التالي مباشرة على شكل حملة تهديدات منسقة تحولت بعد ذلك إلى ما يسميه إيلان بابه استخدام منهج إرهابي ضد القرى الفلسطينية يتلخص في اختيار قرى خالية من وسائل الدفاع واقتحامها في منتصف الليل والبقاء فيها عدة ساعات يتخللها إطلاق النار على أي رجل أو امرأة يتجرآن على مغادرة البيت. وتطورت الحملات بعد ذلك إلى تدمير بعض البيوت والمدارس، وأعقبها عدد من عمليات التدمير في مناطق محدودة في الريف والحضر الفلسطينيين. |
في اجتماع آخر للجنة الاستشارية يوم 17 ديسمبر، واجتماع ثان في اليوم التالي لما يسمى «لجنة الدفاع» تمت الموافقة على عمليات إضافية تشمل تدمير القرى وطرد سكانها وإسكان مستوطنين من اليهود بدلا منهم. ووافقت اللجنة أيضا على أن تشمل السياسة الجديدة مناطق الحضر واختيرت مدينة حيفا كهدف أول. |
ومرة أخرى يفند المؤلف مزاعم بعض المؤرخين الصهاينة لنفي الجرائم التي ارتكبت بحق سكان المدينة. ويقول الدكتور بابه إن حقيقة ما حدث تختلف تماما عما يردد هؤلاء المؤرخون المنحازون، وابتداء من صباح اليوم التالي لقرار التقسيم تعرض سكان المدينة الفلسطينيون وتعدادهم 75 ألفا لحملة إرهاب مشتركة بين عصابتي إرغون والهاغاناه. وكان المستوطنون اليهود الذين وصلوا إلى فلسطين منذ سنوات قليلة قد بنوا بيوتهم في أعلى الجبل. |
وبهذا سكنوا ـ طوبوغرافيا ـ فوق الضواحي العربية وأصبح في إمكانهم قصف الفلسطينيين واصطيادهم على أيدي القناصة. ومنذ أوائل شهر ديسمبر بدأوا بذلك واستخدموا أيضا وسائل إرهاب أخرى مثل قيام القوات اليهودية بدحرجة براميل مملوءة بالمتفجرات وكرات هائلة من الصلب من فوق الجبل على رؤوس السكان الأصليين، وكذلك صب كميات من الزيت المختلط بالبنزين على الطرقات ثم إشعالها بالنيران، وفي اللحظة التي يسرع فيها السكان الفلسطينيون إلى الخروج من بيوتهم لإطفاء أنهار النيران المشتعلة يحصدهم اليهود بزخات من المدافع الرشاشة. |
وفي المناطق التي مازالت تجمع بين المجتمعيْن كانت عصابة الهاغاناه تأتي بسيارات إلى الورش الفلسطينية بحجة إصلاحها وبعد أن تملأها بالمتفجرات وأدوات تفجيرها. وكانت وحدة خاصة من الهاغاناه وراء تلك الجرائم، ويتنكر أعضاؤها كفلسطينيين. |
يقول مؤلف الكتاب: «في ظل هذه الأجواء يتذكر الإنسان في ذلك الوقت تهجير نحو خمسة عشر ألفا من نخبة الفلسطينيين من أهل حيفا، وكثير منهم تجار ناجحون أدى رحيلهم إلى تخريب الحركة التجارية والمهنية، الأمر الذي أضاف المزيد من الأعباء على أجزاء المدينة الأكثر تعرضا للسلب. |
وعندما عادت اللجنة الاستشارية إلى الاجتماع يوم 31 ديسمبر 1947 كان ذلك قبل ساعات من تعرض سكان قرية بلد الشيخ الفلسطينية لمذبحة مروعة، ومع ذلك وقف الإرهابي يوسف وايتس عضو اللجنة ليصيح قائلا: «هذا لا يكفي» وكان يفصح علنا عما كان قد كتبه سرا في يومياته في بداية الأربعينات في العبارات التالية: «ألم يحن الأوان الآن للتخلص منهم؟ لماذا نظل نبقي بيننا هذه الأشواك بينما يمثلون خطرا علينا». |
وبدا لهذا الرجل أن انتظار الفرص لشن هجمات انتقامية أمر عفا عليه الزمن لافتقاره إلى الهدف من الهجوم على القرى واحتلالها. وكتب في عام 1940 يقول: «الترانسفير لا يخدم هدفا واحدا فحسب، وهو تخفيض أعداد السكان العرب، بل يحقق أيضا هدفا ثانيا لا يقل أهمية وهو إخلاء الأراضي التي زرعها العرب وإفراغها لإقامة المستوطنات اليهودية، وهكذا فإن الترانسفير (أي ترحيل العرب) من هنا إلى الدول المجاورة هو الحل الوحيد، ولا ينبغي استثناء قرية واحدة أو عشيرة واحدة». |
وتحت عنوان فرعي هو: «الصدمة والرعب» يتناول إيلان بابه النشاط الصهيوني في مجال امتلاك الأسلحة بما فيها الأسلحة الثقيلة والطائرات. ويبدو لي أن المؤلف نقل ذلك العنوان عن إدارة الرئيس الأميركي بوش وآلته العسكرية التي كانت تتفنن في اختيار الأسماء والعناوين لعملياتها أثناء غزو العراق ومن بينها ذلك العنوان الذي اختاره المؤلف في كتابه للصفحات التي يتحدث فيها عن أن الجيش اليهودي أصبح في فبراير 1948 قادرا على إنتاج أسلحة الدمار لنفسه. |
كان بن غوريون قد تابع شخصيا شراء سلاح مدمر سرعان ما استخدم في حرق حقول وبيوت الفلسطينيين، وهو السلاح المسمى قاذف اللهب. وقد رأس عالم الكيمياء الأنجلو-يهودي ساشا غولدبرغ مشروع شراء ثم تصنيع هذا السلاح في معمل في لندن أولا ثم في رحوفوت جنوب تل أبيب بعد ذلك الذي أصبح اسمه معهد وايزمان في خمسينات القرن العشرين. ويحفل تاريخ النكبة المروي بالأدلة على الآثار المرعبة التي خلفها هذا السلاح على الناس والممتلكات. |
وقد كان مشروع قاذف اللهب جزءا من وحدة كبيرة قامت بأبحاث الحرب البيولوجية تحت رئاسة عالم كيمياء حيوية هو إفراييم كاتزير الذي أصبح رئيسا لإسرائيل، والذي كشف في ثمانينات القرن الماضي ـ في زلة لسان ـ عن امتلاك الدولة اليهودية أسلحة نووية. وقد بدأت الوحدة البيولوجية التي أدارها هو وأخوه أهارون في شهر فبراير 1948، وكان هدفها الأساسي إنتاج سلاح يصيب الناس بالعمى. |
وقال كاتزير بعد ذلك لبن غوريون: «نحن نجري الاختبارات على الحيوانات ولم تتعرض للموت ولكنها أصيبت فقط بالعمى. وبإمكاننا إنتاج 20 كيلو غراما يوميا من تلك المادة». وفي شهر يونيو اقترح كاتزير استخدام هذا السلاح ضد البشر. |
| |
عن/البيان الامراتيه | |
|