العراق للدراسات الستراتيجية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

العراق للدراسات الستراتيجية

موقع عراقي - اخبار- للدراسات الستراتيجية- والاستشارت
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب ـ التطهير العرقي في فلسطين ـ الحلقة (10)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
humam




ذكر
عدد الرسائل : 120
العمر : 45
Localisation : iraq
Emploi : baghdad
Loisirs : -----------
تاريخ التسجيل : 19/03/2008

كتاب ـ التطهير العرقي في فلسطين ـ الحلقة (10) Empty
مُساهمةموضوع: كتاب ـ التطهير العرقي في فلسطين ـ الحلقة (10)   كتاب ـ التطهير العرقي في فلسطين ـ الحلقة (10) Icon_minitimeالثلاثاء مايو 06, 2008 3:12 pm

في الجليل


في غياب أي قوات عربية نظامية أصبحت منطقة الجليل مباحة لأي هجوم إسرائيلي، ولكن في وقت مبكر من شهر يونيو بدأت القرى نفسها تبدي مزيدا من المقاومة الشجاعة ضد القوات الإسرائيلية، وهذا هو أحد أسباب بقاء قرى فلسطينية في الجليل في الوقت الحاضر على عكس منطقة مرج ابن عامر والساحل والسهول الداخلية والنقب الشمالي. وفي يوم 8 يوليو 1948 انتهت الهدنة الأولى وظل الوسيط الدولي برنادوت يتفاوض من أجل عقد هدنة ثانية بدأت في يوم 18 يوليو.


وربما كانت الهدنة الأولى بالغة الأهمية في «الحرب الحقيقية» بين إسرائيل والجيوش العربية ولكنها لم تكن ذات قيمة بالمرة بالنسبة لعمليات التطهير العرقي ولم تساهم في إيقافها طوال فترتي الهدنتين، بل قامت إسرائيل بطرد 70 ألف فلسطيني من سكان مدينتي اللد والرملة، وبعد الهدنة الثانية استأنف الصهاينة على نطاق واسع التطهير العرقي لفلسطين وشنوا عمليات ضخمة للاستئصال والنفي وإخلاء السكان في كل من جنوب وشمال فلسطين.


ومن يوم 9 يوليو التالي لانتهاء الهدنة الأولى استمر القتال المتقطع بين الجيش الإسرائيلي والوحدات العربية من الأردن والعراق وسوريا ولبنان لمدة عشرة أيام. وفي أقل من أسبوعين طرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من قراهم وبلداتهم ومدنهم. ويقول مؤلف الكتاب إن خطة الأمم المتحدة تسببت في ترويع وإرهاب السكان المدنيين بالحرب النفسية، والقصف المدفعي المكثف، والطرد، ومشاهدة الأقارب وهم يعدمون، والزوجات والبنات وهم يتعرضن للتحرش والسرقة.


ولم يكن هناك أمل لدى الفلسطينيين في تدخل الأمم المتحدة في عام 1948، أو الاعتماد على الاهتمام الخارجي بالحقيقة البشعة لما يجري في فلسطين، ولم يتلقوا أية مساعدة من مراقبي الأمم المتحدة الذين كانوا يجوبون البلاد ويراقبون جرائم القتل والاعتداءات البربرية عن كثب ولكنهم لم يريدوا، أو لم يستطيعوا، فعل أي شئ إزاءها. وكان واحد فقط من مبعوثي المنظمة الدولية مختلفا عنهم وهو الكونت فولك برنادوت.


وكان قد وصل إلى فلسطين يوم 20 مايو وظل هناك حتى اغتاله الإرهابيون اليهود في سبتمبر لأنه «تجرأ» وقدم اقتراحا بإعادة تقسيم فلسطين إلى نصفين، وطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين دون قيد أو شرط، بل وكان قد طالب بالفعل بعودتهم إلى وطنهم أثناء الهدنة الأولى، وعندما تم تجاهل طلبه عاد فكرر توصيته في تقريره النهائي الذي قدمه للأمم المتحدة فتعرض للاغتيال. ويعود الفضل إلى هذا الرجل حتى بعد وفاته في تبني الأمم المتحدة تراثه وأفكاره والتوصية بعودة اللاجئين الذين طردتهم إسرائيل دون قيد أو شرط، وكان ذلك ضمن مجموعة من قرارات الأمم المتحدة التي تجاهلتها إسرائيل.


والمعروف أن برنادوت كان رئيسا للصليب الأحمر السويدي ولعب دورا أساسيا في إنقاذ اليهود من النازيين أثناء الحرب العالمية الثانية ولهذا وافقت الحكومة الإسرائيلية على تعيينه وسيطا للأمم المتحدة ولكنها لم تتوقع أن يقدم للفلسطينيين ما كان قد قدمه من قبل لليهود منذ سنوات قليلة.


وقد نجح برنادوت في توجيه بعض الضغوط الدولية على إسرائيل أو على الأقل في إيجاد فرصة لهذه الضغوط. وعندما فكر الإسرائيليون في بدء هجوم مضاد أدرك مهندسو برنامج التطهير العرقي حاجتهم إلى استغلال الدبلوماسيين ووزارة الخارجية الإسرائيلية بشكل مباشر.


وبحلول شهر يوليو بدأ العمل المنسق بين الجهاز السياسي والسلك الدبلوماسي والمؤسسات العسكرية في دولة إسرائيل الجديدة. ثم نشأت الحاجة إلى حملة علاقات عامة لإحباط ردود الأفعال الدولية المضادة لها. وبدأ إبلاغ المسؤولين الإسرائيليين بالمعلومات لخلق صورة لإسرائيل على أنها دولة ليبرالية ديمقراطية في طور الإنشاء، وأخذ المسؤولون بوزارة خارجيتها يعملون مع ضباط الاستخبارات الذين كانوا يبلغونهم مقدما بالمراحل التالية لعملية التطهير العرقي حتى يعملوا على إخفائها عن عيون الجماهير العامة في العالم.


بعد ذلك يتناول الكتاب عمليات التطهير العرقي في الفترة ما بين الهدنتين وتركيزها في عشرة أيام على الجليل وحول عكا والناصرة. وكانت الأوامر الصادرة إلى القوات الإسرائيلية تتلخص في عبارة قصيرة واحدة هي: «طهروا العدو تماما في القرى»!!


وفهم الجنود اليهود أوتوماتيكيا كلمة «العدو» على أنهم القرويون الفلسطينيون العزل وعائلاتهم. ويذكر إيلان بابه أن الهوس الرئيسي الذي سيطر على الصهاينة في ذلك الوقت هو استمرار الحضور اليهودي كما أشار إليه المؤرخ الصهيوني وأحد كبار ساسة الحركة الصهيونية وهو إسحق بن زفي الذي نشر كتابا بلغة الييديش بالاشتراك مع بن غوريون في بدايات عام 1918.


وقد زعم الاثنان في ذلك الكتاب أن «الفلاحين العرب» (يقصدان المزارعين الفلسطينيين) هم أحفاد الفلاحين اليهود الذين بقوا في فلسطين بعد النفي الروماني. وظل بن زفي يردد هذا الزعم في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين حتى أنه ادعى أن أهل القرى في الجبال كانوا يهودا اعتنقوا الإسلام!. ومن هنا لم يكن الرهان على الاستمرار يعني السماح لسكان القرى بالبقاء فيها كمواطنين في الدولة اليهودية الجديدة، وإنما كان المعنى هو أن القرى «عادت شرعا» إلى الشعب اليهودي.


الليلة والبارحة


بعد ذلك يفيض المؤلف في سرد وقائع الجرائم الوحشية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية وبعضها بقيادة إيغال ألون وإسحق رابين، إلى أن يستعرض بعض أعمال فنانين إسرائيليين تمثل النزعة العنصرية المعاصرة. ويذكر أن بعضها الآن يوجد على الجدار الذي أقامته إسرائيل ويسميه جدار العزل العنصري الذي غرزته إسرائيل في عمق الضفة الغربية، ونظرا لأنه يمر بالقرب من الطرق الخارجية الإسرائيلية طلبت الحكومة من الفنانين الإسرائيليين تجميل أجزاء من ذلك «الوحش الخرساني» المرتفع إلى ثمانية أمتار، وأن يرسموا عليه مناظر طبيعية تماثل تلك التي تقع خلفه.


ولكن مع التأكد من استبعاد القرى الفلسطينية التي تقع على الجانب الآخر والناس الذين يعيشون فيها. ويبدي الدكتور بابه دهشته من تقاعس مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية ـ وخاصة الأميركية ـ في فلسطين منذ الأربعينات، عن إطلاق صرخة ضد ما كانوا يشاهدونه من فضائع وجرائم بهذا الحجم الهائل رغم أنهم صدموا لمرآها وسردوا بعض تفاصيلها في تقاريرهم الإخبارية.


وقد امتدت الجرائم الوحشية لإتمام عملية التطهير العرقي من شهر أكتوبر 1948 حتى يناير 1949 وحاولت إسرائيل خلالها تطبيق المبدأ الاستعماري البريطاني المعروف «فرق تسد» بعد استخدامه بالنسبة للدروز في فلسطين. وتوجهت إسرائيل هذه المرة نحو محاولة التفرقة بين المسلمين والمسيحيين، غير أن الطوائف المسيحية لم تبد تعاونا مع القوات الإسرائيلية وكانت تلك القوات قد قامت في البداية بترحيلهم مع المسلمين ثم بدأت بنقلهم إلى معسكرات مؤقتة في وسط المناطق الساحلية.


وفي أكتوبر ندر إبقاء المسلمين في تلك المعسكرات ولكنهم «شحنوا» إلى لبنان، وهذه هي الكلمة التي كان يحلو للجيش الإسرائيلي استخدامها. ولكن القوات الإسرائيلية قدمت صفقة مختلفة للمسيحيين تتلخص في السماح لهم بالعودة إلى قراهم لمدة زمنية قصيرة مقابل تعهدهم بالولاء لإسرائيل.


ويضيف مؤلف الكتاب أن الجدير بالثناء أنهم رفضوا المشاركة في تلك العملية الانتقائية فعاقبتهم بإخضاعهم لنفس الأسلوب الذي عاملوا به القرى المسلمة. وقد فضل الكثيرون من القرويين الهروب بدلا من انتظار الترحيل أو السجن أو القتل، وتسبب القصف الكثيف قبل احتلال القرى إلى فرار الكثير من أهلها. ولكن في معظم الأحوال بقى بعض الناس بشجاعة فائقة إلى أن اقتلعوا من وطنهم بالقوة.


المسح النهائي


في الفترة ما بين نوفمبر وديسمبر 1948 استمرت عمليات التطهير العرقي في منطقة الجليل ولكنها أخذت شكلا أطلق عليه الإسرائيليون عبارة «عمليات المسح النهائي» وهي تعني في جوهرها إعادة النظر في تطهير قرى لم تكن مستهدفة أصلا. وقد أضيفت إلى قائمة القرى المقرر إجلاؤها لأن أعضاء النخبة السياسية الإسرائيلية أرادوا محو هوية الجليل العربية.


ومع ذلك مازال الجليل المنطقة الوحيدة في فلسطين التي احتفظت بجمالها الطبيعي ونكهتها الشرق أوسطية وثقافتها الفلسطينية رغم كل الجهود الإسرائيلية لتهويدها بدءا بعمليات الترحيل المباشر في الأربعينات، والاحتلال العسكري في الستينات، وحجم المصادرات للأراضي في السبعينات، وجهود الاستيطان اليهودي الرسمية الهائلة في ثمانينات القرن العشرين. ولم يستطع كثير من اليهود الإسرائيليين إدعاء امتلاك تلك المنطقة لأن نصف سكانها من الفلسطينيين ومن ثم فإن «التوازن الديموغرافي» يحرمهم من ذلك الإدعاء حتى منذ بداية القرن الحادي والعشرين.


وارتباطا بما جرى في الجليل يقول مؤلف الكتاب في صفحات أخرى إن التدمير كان جزءا من المعركة الإسرائيلية المستمرة ضد عروبة الجليل. وفي عام 1976 نجد أكبر مسؤول في وزارة الداخلية الإسرائيلية واسمه إسرائيل كونينغ يعتبر الفلسطينيين في الجليل «سرطانا في جسد الدولة» ويسميهم رافاييل إيتان رئيس الأركان الإسرائيلي «الصراصير».


وقد فشلت عملية التهويد المكثفة في تحويل المنطقة إلى «جليل يهودي»، ومع ذلك فإن خطر عمليات طرد إضافية مازال يحوم فوق رؤوس الفلسطينيين في ذلك الجزء من فلسطين لأن كثيرا من الإسرائيليين، السياسيين منهم والأكاديميين، تقبلوا التطهير العرقي الذي جرى من قبل وأخذوا يبررونه ويوصون صناع القرار باستخدامه في المستقبل.


أما بالنسبة لسياسة إسرائيل المضادة لعودة اللاجئين إلى بلادهم فإن الدكتور إيلان بابه يقول إن الأنشطة الأساسية لعملية التطهير العرقي في نهاية عام 1948 أصبحت تتركز على تنفيذ سياسة رفض عودة الفلسطينيين على مستويين: المستوى الأول وطني وقد طرح في أغسطس 1948 بقرار حكومي إسرائيلي يقضي بتدمير جميع القرى التي أخليت من سكانها وتحويلها إلى مستوطنات يهودية جديدة أو غابات طبيعية.


أما المستوى الثاني فقد كان دبلوماسيا ويتلخص في بذل جهود شاقة لتفادي الضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل لكي تقبل إعادة اللاجئين. وتم تنفيذ المستويين بالتزامن بحيث تعمدت إسرائيل الإسراع في إيقاع عمليات التدمير بهدف قطع الطريق على أية مناقشة لموضوع اللاجئين وعودتهم إلى بيوتهم مادام ليس لها وجود.


ومع ذلك عاد الحديث في الأمم المتحدة عما كان الكونت برنادوت قد اقترحه ثم اغتيل بسببه وهو التأكيد على ضرورة عودة اللاجئين دون قيد أو شرط. وفي يوم 11 ديسمبر 1948 أصدرت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بموافقة معظم الدول الأعضاء القرار رقم 194 الذي أعطى للاجئين حق الاختيار بين العودة غير المشروطة إلى ديارهم أو قبول التعويض.


الأسلوب الثالث


لعل من يطالع ما جاء في الفصل الثامن من كتاب المؤرخ اليهودي إيلان بابه يكتشف أسلوبا ثالثا أشد خبثا لجأ إليه الصهاينة لعرقلة عودة الفلسطينيين. ويتمثل ذلك الأسلوب في التحكم في التوزيع الديموغرافي للفلسطينيين في كل من القرى التي كانت ضحية التطهير العنصري أو في مدن فلسطين التي كانت مختلطة السكان من قبل والتي تعرضت لمحو عروبتها. ومن أجل ذلك أنشأ الجيش الإسرائيلي في 12 يناير 1949 وحدة جديدة اسمها وحدة الأقليات، وقد شكلت من أعضاء من الدروز والشركس وبعض البدو.


وكانت المهمة الوحيدة لتلك الوحدة هي منع القرويين وسكان المدن الفلسطينيين من العودة إلى بيوتهم الأصلية. وفي يوم 16 يناير 1949 صدرت التعليمات إلى وحدة الأقليات لحصر نشاطها على منطقة الجليل والبلدات والمدن التي كانت مختلطة السكان من قبل. وأصبحت مهمة تلك الوحدة واضحة تماما وهي منع أية محاولة يقوم بها اللاجئون للتسلل نحو بيوتهم سواء حاولوا العودة إلى قرية أو بيت للعيش فيها، أو حتى لاسترداد بعض مقتنياتهم الشخصية.


ويشير الكتاب إلى أن «المتسللين»، كما كان الجيش الإسرائيلي يسميهم، كانوا في حالات كثيرة مزارعين يسعون خفية لجمع غلة حقولهم أو قطف بعض ثمار أشجارهم التي أصبحت الآن بلا رعاية. وكان اللاجئون الذين يمرون بالقرب من خطوط الجيش يلقون مصرعهم على أيدي دوريات الجيش الإسرائيلي.


ومن واقع الأرشيف العسكري الإسرائيلي ينقل المؤلف ملخص تقرير عن العملية رقم 10 مرسل من وحدة الأقليات في 25 فبراير 1949 ويكشف عن وسائل تنفيذ المهمة على النحو التالي: «تقرير عن البحث والاستطلاع في قريتي عرابة ودير حنا: في دير حنا أطلقت النيران فوق رؤوس الذين تم جمعهم للتحقق منهم وقد وضع ثمانون منهم في السجن.


وكانت هناك حالات «سلوك غير لائق» من الشرطة العسكرية تجاه المواطنين المحليين في هذه العملية». ويشير المؤلف إلى أن عبارة «سلوك غير لائق» تعني في العادة كل ألوان الإزعاج البدني والذهني. وقد تضمنت بعض التقارير تفاصيل عن مثل هذه الحالات، ومع ذلك فإن المؤلف يرى أن العبارات المستخدمة مضللة وغامضة.


وفي شهر أكتوبر 1948 بدأت المرحلة النهائية لعملية التطهير العرقي تحت بصر مراقبي الأمم المتحدة الذين كانوا يجوبون سماء الجليل بينما استمرت العملية حتى صيف عام 1948. وسواء تجولوا في السماء أو على الأرض فقد كان من المستحيل ألا يروا حشود الرجال والنساء والأطفال المتدفقة يوميا نحو الشمال وكان منظر النساء والأطفال بملابسهم الرثة لافتا للأنظار في تلك القوافل البشرية إذ كان الشبان قد اعدموا أو اعتقلوا أو فقدوا.


وفي ذلك الوقت كان مراقبو الأمم المتحدة في الجو، واليهود على الأرض يرون عيانا ما يحدث ويبدو أن أحاسيسهم تبلدت تجاه محنة هؤلاء الناس الذين يمرون أمامهم، ولذلك يتساءل مؤلف الكتاب قائلا: أي وصف آخر يمكن أن يوصف به إذعانهم الصامت إزاء عملية التهجير القسري الهائلة التي تجري تحت أبصارهم؟!


ومع ذلك فقد توصل مراقبو الأمم المتحدة إلى بعض الاستنتاجات في شهر أكتوبر فأرسلوا تقريرا إلى السكرتير العام للأمم المتحدة الذي لم ينشره. وذكر التقرير أن السياسة الإسرائيلية هي انتزاع العرب من قراهم في فلسطين بالقوة أو تحت ضغط التهديد. وحاولت الدول العربية الأعضاء في الأمم المتحدة طرح موضوع التقرير على مجلس الأمن الدولي دون جدوى.


وظلت الأمم المتحدة طوال ثلاثين سنة تتبنى الخطب المضللة التي كان يلقيها أبا إيبان سفير إسرائيل لدى المنظمة الدولية الذي كان يشير إلى اللاجئين باعتبارهم «مشكلة إنسانية» لا يمكن إلقاء مسؤوليتها على أحد. كذلك صدم مراقبو الأمم المتحدة من حجم عمليات النهب التي جرت والتي أصابت كل قرية وبلدة في فلسطين.


وكان يمكن للأمم المتحدة إصدار قرار آخر يدين التطهير العنصري قبل قرارها تقسيم فلسطين بسنة على الأقل ولكنها لم تفعل. ويخلص الكتاب إلى أن نجاح إسرائيل خلال تلك المرحلة النهائية أعاد إلى الظهور الأحلام الصهيونية لإقامة إمبراطورية مصغرة (ميني إمبراطورية) على حد تعبير المؤلف. ومرة أخرى استنفرت القوات الإسرائيلية للتوسع وتمديد الدولة اليهودية إلى الضفة الغربية وجنوب لبنان.


ويتفق عدد لا بأس به من المفكرين اليهود مع مؤلف الكتاب ومن بينهم إسرائيل شاحاك الأستاذ بالجامعة العبرية في كتابه «عنصرية دولة إسرائيل» الذي تحدث فيه عن وجود مدن بأكملها في إسرائيل يجرم القانون الإسرائيلي أن يقطنها غير اليهودي. أما المفكر الفرنسي رجاء غارودي (روجيه غارودي قبل إسلامه) فيقول في كتابه «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» إنه يوجد في صميم المنطق الصارم للنظام الصهيوني الإصرار على خلق أغلبية يهودية في بلد تسكنه جماعة عربية فلسطينية من السكان الأصليين.


وطرحت السياسة الصهيونية الحل الوحيد المنبثق عن برنامجها الاستعماري الاستيطاني وهو إنشاء المستوطنات بطرد الفلسطينيين ودفع عجلة الهجرة اليهودية. وقد اتخذت الخطوات الأولى طابع الاستعمار الكلاسيكي، أي استغلال اليد العاملة المحلية، وكان هذا أسلوب الصهيوني البارون إدوارد روتشيلد، وهو نفس الأسلوب الذي كان يستخدمه في زراعة العنب في الجزائر، ولما مد أعماله إلى فلسطين استغل في زراعاته للعنب عربا آخرين هم الفلسطينيون.


عرض ومناقشة: صلاح عويس



البيان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://iraq.forum-canada.net/
 
كتاب ـ التطهير العرقي في فلسطين ـ الحلقة (10)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب ـ التطهير العرقي في فلسطين ـ الحلقة (9)
» كتاب ـ التطهير العرقي في فلسطين ـ الحلقة (1)
» كتاب ـ التطهير العرقي في فلسطين ـ الحلقة (2)
» كتاب ـ التطهير العرقي في فلسطين ـ الحلقة (3)
» كتاب ـ التطهير العرقي في فلسطين ـ الحلقة (4)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العراق للدراسات الستراتيجية :: دخول المنتديات الدراسات العسكرية والامنية والسياسية :: الدراسات الستراتيجية السياسية-
انتقل الى: